مَهَرَ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَرُزِقَ الْحِفْظُ لَهُ، وَالْمَعْرِفَةُ، وَكَتَبَ عَنْ أَلْفِ شَيْخٍ، وَكَانَ يَخْتَلِفَ إِلَى مَشَايِخِ الْبَصْرَةِ وَلا يَكْتُبُ، فَسَأَلُوهُ: لِمَ لا تَكْتُبُ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا سَمِعَ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ يَزِيدُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفِ حَدِيثٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ السَّاحِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ بْنَ عَدِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عِدَّةَ مَشَايِخَ يَحْكُونَ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ، قَدِمَ بَغْدَادَ، فَسَمِعَ بِهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَاجْتَمَعُوا وَعَمَدُوا إِلَى مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقَلَبُوا مُتُونَهَا، وَأَسَانِيدَهَا، وَجَعَلُوا مَتْنَ هَذَا الإِسْنَادِ آخَرَ، وَإِسْنَادَ هَذَا الْمَتْنِ لِمَتْنٍ آخَرَ، وَدَفَعُوهَا إِلَى عَشَرَةِ أَنْفُسٍ، فَابْتَدَرَ رَجُلٌ مِنَ الْعَشَرَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ مِنْ تِلْكَ الأَحَادِيثِ، فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ آخَرَ، فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ، فَمَا زَالَ يُلْقِي عَلَيْهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْعَشَرَةِ، وَالْبُخَارِيُّ يَقُولُ: لا أَعْرِفُهُ، وَكَانَ بَعْضُ الْفُهَمَاءِ يَقُولُ: الرَّجُلُ فَهْمٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ.
ثُمَّ ابْتَدَرَ رَجُلٌ آخَرُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الأَحَادِيثِ، وَهُوَ يَقُولُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ: لا أَعْرِفُهُ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ عَشَرَةٍ، ثُمَّ الثَّالِثُ، ثُمَّ الرَّابِعُ، إِلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ، وَالْبُخَارِيُّ لا يَزِيدُهُمْ عَلَى لا أَعْرِفُهُ، فَلَمَّا فَرَغُوا، الْتَفَتَ إِلَى الأَوَّلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute