للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَمَّا مَرِضَ هُوَ مَرَضَ الْمَوْتِ، فَأَكَلَ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ يَشْتَهِي، وَدَخَلَ عَلَيْهِ الطَّبِيبُ، فَنَظَرَ إِلَى مَائِهِ، وَقَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَكَلُّفِكَ أَمْرًا لا يُطِيقُهُ النَّاسُ، فَلَمَّا خَرَجَ تَبِعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: هُوَ تَالِفٌ، وَمَا فِيهِ حِيلَةٌ، فَدَخَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي كُنْتَ تَفْعَلُهُ حَتَّى اسْتَدَلَّ الطَّبِيبُ عَلَى حَالِكَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أَدْرُسُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ خَمْسَ عَشْرَةَ أَلْفَ وَرَقَةٍ.

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ «أَبُو عُمَرَ»

اللُّغَوِيُّ الزَّاهِدُ، غُلامُ ثَعْلَبٍ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَحَفِظَ مِنَ اللُّغَةِ الْكَثِيرَ، أَمْلَى مِنْ حِفْظِهِ ثَلاثِينَ أَلْفَ وَرَقَةِ لُغَةٍ، وَلِسَعَةِ حِفْظِهِ اتُّهِمَ بِالْكَذِبِ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَكَى رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسّنِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا عُمَرَ الزَّاهِدَ كَانَ يُؤَدِّبُ وَلَدَ الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ، فَأَمْلَى يَوْمًا عَلَى الْغُلامِ نَحْوًا مِنْ ثَلاثِينَ مَسْأَلَةً فِي اللُّغَةِ، وَذَكَرَ غَرِيبَهَا، وَخَتَمَهَا بِبَيْتَيْنِ مِنَ الشِّعْرِ.

وَحَضَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ، وَابْنُ الأَنْبَارِيِّ، وَابْنُ مِقْسَمٍ، عِنْدَ أَبِي عُمَرَ الْقَاضِي، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْمَسَائِلَ، فَمَا عَرَفُوا مِنْهَا شَيْئًا،

<<  <   >  >>