عجبت والدهر كثيرٌعَجَبه ... من عَنزيٌ سَبّني لم أضربُهْ
وقال أبو النجم:
فقرِّبنْ هذا وهذا أزحِلُه
وقال أوس:
له صرخةٌ ثم إسكاتةٌ ... كما طرّقت بنِفاس بِكرْ
وأياً ما أراد زياد، فقد عدل أبو عمرو عن شرحه.
١١ - وأنشد أبو عمرو:
وأخرجها النِّسناسُ حتى أحَلّها ... بدار عُقيل، وابنها طاعمٌ جَلْدُ
وقال: النسناس: الجوع.
وإنما القسقاص بقافين، وقال أبو زيد: القسقاص: شدة الجوع والبرد، وأنشد:
أتانا به القَسقاس يُرعش خابطاً ... ولليل أسجافٌ على البيد تُسْبَلُ
وقال ابن دريد في كتاب الثناثي المكرر في سين وقاف: والقسقاس: شدة الجوع والبرد، وقرب قسقاس: بعيد المطلب مثل حَصْحاص وحذحاذ، وحدحاد وأنشد البيت الذي أنشده أبو زيد.
وما أعلم أن أحداً من الرواة قال النسناس: الجوع سوى أبي عمرو، والرواة على القسقاس بقافين، وهذا تصحيف منه - رحمه الله - ولو بلغ تنبيهنا هذا أبا عبيدة لسُرَّ، وعلم أنا أثأرنا له منه فيما راسله به في الغيل.
١٢ - وأنشد أبو عمرو لطريف بن تميم:
حَوْلي فوارسُ من أُسَيِّدَ شِجْعةٌ ... وإذا حللت فحولَ بيتي خَضَّمُ
وقال: الشِّجعة: الشجعاء، وهم الشجعان والشجعان، والخضم: العدد الكثير.
هذا غلط فاحش إنما العدد الكثير: الخضم مشبه بالبحر، قال العجاج:
فاتجمج الخِضَمُّ والخِضَمُّ ... فخَطَموا أمرَهمُ وزَمّوا
فأما خَضّمُ في بيت طريف، فإنما لقب لبني العنبر بن عمرو بن تميم، ويلقبون أيضا الجعْراء. قال أبو عبيدة: خَضَّمُ: لقب بني العنبر، وكذلك ابن الكلبي، وغيره من أهل النسب.
١٣ - وأنشد أبو عمرو للمُثلّم الدَّغشي من طيفي:
كنتُ ابتألتُ على قوم ذوي حَسَبٍ ... قد كنت أُوليهمُ عُرفاً فخانوني
وقال الابتآل: الاعتماد على العصا، ويقول: ابتألت عليهم في ذلك أي اعتمدت كأنه من الوَأْل، وهو الحِرْز أي صيّرتهم ملجأً لي.
وهذا فاسد. إنما الحرز: الموئل، فأما الوأل فمصدر لقولهم: وأل يئل وألاً إذا لجأ أو تحرز. ومن كلامهم: " لا وألتُ إن وألتَ " أي لا نجوتُ إن نجوتَ.
١٤ - وأنشد أبو عمرو لعطاء الدُّبَيري:
ونازحةِ الجُولين خاشعة الصُّوى ... قطعتُ بمدشاءِ الذَّراعين ساهمِ
وقال: المدشاء سريعة أوب اليدين.
وإنما المدشاء: القليلة لحم الذراعين، قال أبو زيد: المدش: الضعف في البصر وفي اليدين. وقال ابن دريد: مَدِشت عين الرجل تمدش مدشاً إذا أظلمت من جوع أو حر شمس، والرجل مَدِشٌ، قال: وأحسبه مقلوبا من دَمِش.
وقال الأصمعي: المدْش: الضعف. وهذا كلّه متقارب لأنهما إذا قل لحمهما ضعفتا، ولم يذكر أحد في المدش السرعة.
وقول عطاء في البيت: " ساهم " يدل على التحول والتغير، وذانك لهما مُضعِّفان.
١٥ - وقال: الابل المطاريق التي تسير ولا تأكل وقد أطرقت الإبل؛ والواحدة مُطرقة.
هكذا نقل عنه وهو وهم منه، ومن نقل عنه، وإنما الوجه اطّرّقت بتشديد الطاء، وهي مُطّرقة قال الراجز:
حتى إذا الليل علا الحَيّوتا ... سارت معاً واطّرقت شتيتا
١٦ - وقال: اللِّماك: الكُحل، وأنشد:
حتى إذا ما مرَّ خِمْسٌ قعْطني ... وشبّ عينيها لِماك مَعْدِني
هكذا روى عنه: لِماك بالكاف وكسر اللام.
وأكثر الرواة: أبو زياد وغيره، يروون: لَمال بلامين الأولى مفتوحة وهما الأعرف.
١٧ - وقال أبو عمرو: الدَّهْمَجة مشيُ الكبير كأنه في قيد.
والرواة: على أن الدهمجة تقارب خطو مع سرعة، قال الفرزدق:
حمارٌ لهم من بنات الكداد ... يُدَهمجُ بالوطب والمِزودِ
يبيعون نزوته بالوَصيف ... وكوميهِ بالناشفي الأمردِ
ولو كانت الدهمجة من مشي الكبير كأنه في قيد لما ساوى هذا الحمار وصيفاً فكيف نزوته. والدهمجة: السرعة لا محالة.
١٨ - وقال أبو عمرو: الثفال الذي يجعل تحت الرحى يقع عليه الدقيق.
وهذا محال إنما يقع عليه الحب لأنه جلد بين الحجرين محيط بالقطب تحت الفأس، ولا دقيق ثمَّ.
١٩ - وقال أبو عمرو: المَسَد من جلود الإبل تُغار، والإغارة: الفتل فتجعل - وهي رطاب - مثل الرِّشاء الغليظ فيبقى دهراً.
وإنما قال الشيخ هذا لأنه حفظ قول الراجز: