للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحصل لَهُم مَطْلُوبا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود الطّرق الَّتِي يسلكها الْعقل السَّلِيم لحُصُول مَطْلُوبه.

إِذا تبين هَذَا فَكلما ازْدَادَ الْقلب حبا لله ازْدَادَ لَهُ عبودية ازْدَادَ لَهُ عبودية، وَكلما ازْدَادَ لَهُ عبودية ازْدَادَ لَهُ حبا وفضله عَمَّا سواهُ. وَالْقلب فَقير بِالذَّاتِ إِلَى الله من وَجْهَيْن: من جِهَة الْعِبَادَة وَهِي الْعلَّة الغائية وَمن جِهَة الِاسْتِعَانَة والتوكل وَهِي الْعلَّة الفاعلة فالقلب لَا يصلح وَلَا يفلح وَلَا ينعم وَلَا يسر وَلَا يلتذ وَلَا يطيب وَلَا يسكن وَلَا يطمئن إِلَّا بِعبَادة ربه وحبه والإنابة إِلَيْهِ وَلَو حصل لَهُ كل مَا يلتذ بِهِ من الْمَخْلُوقَات لم يطمئن وَلم يسكن إِذْ فِيهِ فقر ذاتي إِلَى ربه من حَيْثُ هُوَ معبوده ومحبوبه ومطلوبه وَبِذَلِك يحصل لَهُ الْفَرح وَالسُّرُور واللذة وَالنعْمَة والسكون والطمأنينة.

وَهَذَا لَا يحصل لَهُ إِلَّا باعانة الله لَهُ فَإِنَّهُ لَا يقدر على تَحْصِيل ذَلِك لَهُ إِلَّا الله فَهُوَ دَائِما مفتقر إِلَى حَقِيقَة {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} فَإِنَّهُ لَو أعين على حُصُوله كل مَا يُحِبهُ ويطلبه ويشتهيه ويريده وَلم يحصل لَهُ عبَادَة لله فَلَنْ يحصل إِلَّا على الْأَلَم وَالْحَسْرَة وَالْعَذَاب وَلنْ يخلص من آلام الدُّنْيَا ونكد عيشها إِلَّا بإخلاص الْحبّ لله بِحَيْثُ يكون الله هُوَ غَايَة مُرَاده وَنِهَايَة مَقْصُوده وَهُوَ المحبوب لَهُ بِالْقَصْدِ الأول وكل مَا سواهُ

<<  <   >  >>