للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَقُول بَعضهم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نصبت خَيْمَتي على جَهَنَّم حَتَّى لَا يدخلهَا أحد.

وأمثال ذَلِك من الْأَقْوَال الَّتِي تُؤثر عَن بعض الْمَشَايِخ الْمَشْهُورين وَهِي إِمَّا كذب عَلَيْهِم وَإِمَّا غلط مِنْهُم.

وَمثل هَذَا قد يصدر فِي حَال سكر وَغَلَبَة وفناء يسْقط فِيهَا تَمْيِيز الْإِنْسَان أَو يضعف حَتَّى لَا يدْرِي مَا قَالَ. وَالسكر هُوَ لَذَّة مَعَ عدم تَمْيِيز وَلِهَذَا كَانَ من هَؤُلَاءِ من إِذا صَحا اسْتغْفر من ذَلِك الْكَلَام وَالَّذين توسعوا من الشُّيُوخ فِي سَماع القصائد المتضمنة للحب والشوق واللوم والعذل والغرام كَانَ هَذَا أصل مقصدهم فَإِن هَذَا الْجِنْس يُحَرك مَا فِي الْقلب من الْحبّ كَائِنا مَا كَانَ وَلِهَذَا أنزل الله محنة يمْتَحن بهَا الْمُحب فَقَالَ [٣١ آل عمرَان] : {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} فَلَا يكون محبا لله إِلَّا من يتبع رَسُوله وَطَاعَة الرَّسُول ومتابعته لَا تكون إِلَّا بتحقيق الْعُبُودِيَّة وَكثير مِمَّن يَدعِي الْمحبَّة يخرج عَن شَرِيعَته وسنته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدعِي من الْحَالَات مَا لَا يَتَّسِع هَذَا الْموضع لذكره حَتَّى قد يظنّ أحدهم سُقُوط الْأَمر وَتَحْلِيل الْحَرَام لَهُ وَغير ذَلِك مِمَّا فِيهِ مُخَالفَة شَرِيعَة الرَّسُول وسنته وطاعته.

بل قد جعل الله أساس محبته ومحبة رَسُوله الْجِهَاد فِي سَبيله وَالْجهَاد يتَضَمَّن كَمَال محبَّة مَا أَمر الله بِهِ وَكَمَال بغض مَا نهى الله عَنهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي صفة من يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [٥٤ الْمَائِدَة] :

<<  <   >  >>