للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد لازمه حضراً وسفراً وسجناً، حتى سجن معه في سجن القلعة بدمشق سنة (٧٢٦هـ) إلى وفاة شيخه سنة (٧٢٨هـ) حيث خرج بعدها.

ومع اشتغاله بالتعلم والتعليم فقد أخذ عنه العلم الجم الغفير من العلماء، لما رزقه الله من حسن الخلق ولين الجانب، وممن انتفع به:

١- أخوه الزين عبد الرحمن بن القيم (ت ٧٦٩هـ) .

٢- وأبناؤه ومنهم البرهان إبراهيم بن محمد بن القيم وهو النحوي صاحب شرح الألفية، وابنه عبد الله وهو الحافظ الذكي.

٣- والحافظ ابن عبد الهادي المقدسي الحنبلي.

٤- ومنهم الحافظ الزين عبد الرحمن بن رجب الحنبلي.

أما عبادته وعلمه، فقد قيل إنه ما تحت أديم السماء أوسع علماً منه، وكان ذا عبادة وتهجد وطول صلاة، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانقياد له والانكسار بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله في ذلك. ولا رأيت أوسع منه علماً، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله. وقد امتحن وأوذي مرات، وحبس مع الشيخ تقي الدين ـ ابن تيمية ـ في المرة الأخيرة في القلعة، منفرداً عنه، ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ، وكان في مدة حبسه مشتغلاً بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر، ففتح عليه من ذلك خير كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف، والدخول في غوامضهم. وتصانيفه ممتلئة بذلك.

وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمراً يُتعجب منه.

<<  <   >  >>