للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعودة بالركب الحديثي إلى منهج العلماء الأوائل الكبار، وذلك من توفيق الله له حيث توجه صغيرًا لسماع الحديث، وتحصيل مسموعاته وإجازاته، وعواليه وفوائده علمًا وسندًا وقد أثنى عليه في ذلك كبار العلماء كابن حجر العسقلاني، ولا شك أن من طالع كتبه المصنفة " كفتح الباري في شرح صحيح البخاري " و " وشرحه الجامع الصحيح للترمذي " و " جامع العلوم والحكم " فضلاً عن تحقيقه وإبداعه في " شرحه علل الترمذي " يدرك هذه المنزلة العالية.

ج- المكانة الفقهية: وقد تبوأها الحافظ ابن رجب الحنبلي لدى فقهاء الحنابلة بالخصوص، فأضحى عندهم الفقيه المقعِّد، والمفتي المجتهد. ومما خدم به مذهب الحنابلة مما يدل على رسوخه وإمامته فيه كتابان هما:

١- القواعد الفقهية: ضبط فيه (١٦٠) قاعدة تضبط أصل المذهب، وفروعه مما كادت تغيب. فأضحى من نوادر التصانيف في هذا الفن ليس لدى الحنابلة فحسب بل ولدى غيرهم.

٢- ذيل " طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ": ترجم فيه لجملة من العلماء الحنابلة في نحو (٣٠٠) سنة، وضمن تراجمهم الفوائد الفقهية والغرائب العلمية، والتميز العلمي وتعداد النوادر والمواقف والمؤلفات والمأثورات نظمًا ونثرًا.

د- زهده وورعه: وقد جدّد رحمه الله الزهد العفيف والمنضبط بمقاصد الشريعة والمستقيم باستقامة الوصية الشريفة: الكتاب والسنة، كما خلّصه من شوائب زهد الصوفية، وشطحات المبتدعة، وجعله كحال الصحابة ومسالك علماء التابعين وفقهاء المسلمين المعتبرين.

ومع هذا فقد امتحن الحافظ بسبب مذهبه السلفي، وفقهه المعدل على الدليل صحيح التعليل من باب الحسد والغيرة تارة، ومن باب البدعة والهوى تارة أخرى، فلله الأمر من قبل ومن بعد.

<<  <   >  >>