للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران (١) فيما سمعه الطحاوي منه قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد؛ لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله. قال أبو عمر: ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا" (٢) .

قلت: "وهكذا رواه البيهقي في "كتاب المدخل" وقال: هذا مرسل جيد، أبو سلمة لم يدرك ابن مسعود. ثم رواه موصولا وقال: فإن صح فمعنى قوله: "سبعة أحرف": أي سبعة أوجه، وليس المراد به ما ورد في الحديث الآخر من نزول القرآن على سبعة أحرف، ذاك المراد به اللغات التي أبيحت القراءة عليها، وهذا المراد به الأنواع التي نزل القرآن عليها، والله [٤١ ظ] أعلم.

قلت: وعندي لهذا الأثر أيضا تأويلان آخران، أحدهما: ذكره أبو علي الأهوازي في "كتاب الإيضاح"، والحافظ أبو العلاء (٣) في "كتاب المقاطع"، أن قوله "زاجر وآمر" إلى آخره استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه،


(١) هو أحمد بن أبي عمران، أبو جعفر، الفقيه الحنفي، قاضي الديار المصرية، توفي سنة ٢٨٠هـ "شذرات الذهب ٢/ ١٧٥".
(٢) التمهيد ٤/ ٦٢ظ.
(٣) هو الحسن بن أحمد بن الحسين بن أحمد، أبو العلاء الهمداني، إمام في علوم القرآن والنحو واللغة والأدب والحديث، له مؤلفات في أنواع من العلوم، توفي سنة ٥٦٩هـ "غاية النهاية ١/ ٢٠٤، بغية الوعاة ص٢١٥".