للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قوله: نزل جملة واحدة، هو القول الأول، وقوله: فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، هو القول الثاني، كأنه فسر قول من قال: نزل في عشرين ليلة بأن المراد بهذا الإنزال تنجيم السفرة ذلك على جبريل، قال: والقول الثاني أن الله عز وجل ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر، قال: وهذا قول الشعبي (١) .

قلت: هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان، وقد بينت ذلك في "شرح حديث المبعث" (٢) ، وغيره، وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا، على ما تقدم.

وفي الكتاب "المستدرك" أيضا عن الأعمش (٣) عن حسان بن حريث (٤) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزله على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويرتله ترتيلا. قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (٥) .


(١) انظر: المصدر السابق والصفحة المذكورة، والشعبي هو عامر بن شراحبيل بن عبد الله "وقيل عامر بن عبد الله بن شراحيل" الشعبي الحميري، أبو عمرو الكوفي، تابعي، من رجال الحديث، وكان فقيها شاعرًا، توفي سنة ١٠٣هـ على خلاف "تاريخ بغداد ١٢/ ٢٢٧، وفيات الأعيان ١/ ٣٠٦، تهذيب التهذيب ٥/ ٦٥".
(٢) سماه المؤلف في كتابه "الذيل على الروضتين" ص٣٩: "شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى".
(٣) هو سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد، الملقب بالأعمش، تابعي، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض، توفي سنة ١٤٧هـ على خلاف "تاريخ بغداد ٣/ ٩، وفيات الأعيان ١/ ٢٦٧، غاية النهاية ١/ ٣١٥، تهذيب التهذيب ٤/ ٢٢٢".
(٤) هو حسان بن حريث العدوي، أبو السوار البصري "تهذيب التهذيب ١٢/ ١٢٣".
(٥) المستدرك ٢/ ٢٢٣، وانظر: كتاب الأسماء والصفات ص٢٣٤.