للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله وأوامره ونواهيه إلا طريقه بها فهو المبلغ عن الله تعالى، وهذه هي سنة الله في خلقه حيث جعل طريق معرفته وعبادته عن طريق من أرسله من الرسل "فلا سبيل إلى السعادة والفلاح في الدارين إلا على أيدي الرسل، كما أنه لا سبيل إلى معرفة الطيب من الخبيث والحلال من الحرام إلا من جهتهم، ولا ينال رضى الله البتة إلا على أيديهم، فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فرضت، فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير"١ وبهذا وبغيره نلمس عظم الحاجة إلى تبليغ الرسل.

ومما لا شك فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم الأنبياء بلاغا فقد كان صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية أمته، وقد قال تعالى في حقه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ٢ وسيرته صلى الله عليه وسلم كلها دليل على مدى حرصه على إبلاغ رسالة ربه والتفاني في إبلاغها دون أن تأخذه في الله لومة لائم. وهو صلى الله عليه وسلم أحق الناس بالوصف الوارد في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} ٣ "فقد امتدح الله تبارك وتعالى في هذه الآية الذين يبلغون رسالته إلى خلقه ويؤدونها بأماناتها ولا يخافون أحدا سواه، فلا تمنعهم سطوة أحد


١ زاد المعاد، لابن القيم (١/ ٦٩) .
٢ الآية (١٢٨) من سورة التوبة.
٣ الآية (٣٩) من سورة الأحزاب

<<  <  ج: ص:  >  >>