للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: توقيره صلى الله عليه وسلم في أصحابه رضوان الله عليهم]

ومن توقيره وبره صلى الله عليه وسلم توقير أصحابه وبرهم ومعرفة حقهم والاقتداء بهم، وحسن الثناء عليهم، والاستغفار لهم، والإمساك عما شجر بينهم، ومعاداة من عاداهم، والإضراب عن أخبار المؤرخين، وجهلة الرواة، وضلال الشيعة والمبتدعين، القادحة في أحد منهم، وأن نلتمس لهم فيما نقل عنهم من مثل ذلك فيما كان دينهم من الفتن أحسن التأويلات ويخرج لهم أصوب الخارج، إذ هم أهل لذلك، ولا يذكر أحد منهم بسوء ولا يغمص١ عليه أمر، بل تذكر حسناتهم وفضائلهم، وحميد سيرتهم، ويسكت عما وراء ذلك٢.

فهم أناس قد اختارهم الله وشرفهم بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وخصهم في الحياة الدنيا بالنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسماع حديثه من فمه الشريف وتلقي الشريعة وأمور الدين عنه وتبليغ ما بعث الله به رسوله من النور والهدى على أكمل الوجوه وأتمها. فكان لهم الأجر العظيم لصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهاد معه في سبيل الله وأعمالهم الجليلة في نشر الإسلام والدعوة إليه، ولهم من الأجر مثل أجور من بعدهم لأنهم الواسطة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.

ولقد أوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين، القطع


١ لا يغمص: لا يعاب ولا ينقص في أمر من أموره. النهاية (٣/ ٣٨٦) .
٢ الشفا (٢/ ٦١١، ٦١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>