للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} ١.

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} ٢، وكلا الآيتين توجبان التسليم الكامل والانقياد التام من أهل الإيمان لما حكم به الله تعالى وحكم به رسوله صلى الله عليه وسلم، فليس في ذلك اختيار، بل السمع والطاعة والقبول والتسليم بما جاء عن الله ورسوله.

ومن الملاحظ في كلا الآيتين أن الخطاب فيهما لأهل الإيمان ففي الآية الأولى {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ ... } .

وفي الثانية {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} ، وهذا التخصيص للمؤمنين فيه من الدلالة ما فيه فاسم الإيمان يشعر بأن هذا المطلوب منهم من موجبات الاسم الذي نسبوا إليه ولذلك فإنه يجب على كل من يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يضع هاتين الآيتين وأمثالهما من الآيات الموجبة للامتثال لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نصب عينيه فيسمع ويطيع، ويؤمن بأنه لا اختيار له في ذلك ولا رأي، بل التسليم المطلق الذي لا يصاحبه شك ولا ارتياب.

فهذه حقيقة الإيمان ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله التي تعني طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع.

ومثل هذه الآيات هي الفاصل بين دعوى الإيمان الحقيقية التي هي للمؤمنين


١ الآية (٥١) من سورة النور.
٢ الآية (٣٦) من سورة الأحزاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>