للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمور خطيرة منها الطعن في الدين لأن لسان حال المبتدع يقول إن الشريعة لم تتم وإنه بقي منها أشياء يجب استدراكها، لأنه لو كان معتقدا لكمالمها وتمامها من كل وجه لم يبتدع ولم يستدرك عليها.

وإضافة إلى ذلك فإن المبتدع معاند للشرع ومشاق له لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقا خاصة على وجوه خاصة وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وأخبر أن الخير فيها وأن الشر في تعديها إلى غير ذلك. فالمبتدع بحاله تلك يزعم أن ثم طرقا أخر وليس ما حصره الشارع بمحصور ولا ما عينه بمتعين، بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع أنه علم ما لا يعلم الشارع وأحاط بما لم يحط به وهذا هو بعينه الضلال المبين الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم البدعة به حين قال: "وكل بدعة ضلالة" ١.

ومع هذا وذاك فقد تجعل البدعة مع مرور الزمن ونتيجة لانتشارها بين الناس من الدين، فتصبح سنة يستنون بها وبخاصة العوام منهم الذين اعتادوا على التقليد والأخذ بكل ما هو منتشر بين الناس. بينما في الوقت نفسه تصبح السنن لغرابتها والجهل بها بدعا وهذا هو الحال في كل زمان ومكان انتشرت وعمت فيه البدع وقل فيه العلماء بأمور السنة.

وأما الحديث الثالث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" فهو حكم صريح على كل أمر محدث مبتدع في الدين وليس له أصل في الشرع بالرد وعدم القبول ولاشك أن هذا الحكم بتر لكل ما هو مبتدع في دين الله وشرعه، وإسقاط له. إضافة إلى كونه حماية لشرع الله


١ الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ (ص ٩٩) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>