للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينزع العلم بعد إذ أعطاكموه انتزاعا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون" ١، والمقصود به هو الرأي الباطل الذي ليس من الدين، لأن الرأي ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

١- رأي باطل بلا ريب.

٢- رأي صحيح.

٣- رأي هو موضع الاشتباه.

والأقسام الثلاثة قد أشار إليها السلف، فاستعملوا الرأي الصحيح وعملوا به وأفتوا به، وسوغوا القول به. وذموا الباطل ومنعوا من العمل والفتيا والقضاء به وأطلقوا ألسنتهم بذمه وذم أهله.

والقسم الثالث: سوغوا العمل والفتيا والقضاء به عند الاضطرار إليه حيث لا يوجد منه بد، ولم يلزموا أحدا العمل به، ولم يحرموا مخالفته ولا جعلوا مخالفته مخالفا للدين، بل غايته أنهم خيروا بين قبوله ورده، فهو بمنزلة ما أبيح للمضطر من الطعام والشراب الذي يحرم عند عدم الضرورة إليه٢.

والحديث ههنا يتناول الرأي الباطل فقط وهو على أنواع:

أحدها: الرأي المخالف للنص، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فساده وبطلانه، ولا تحل الفتيا به ولا القضاء، وإن وقع فيه من وقع بنوع تأويل وتقليد.

الثاني: هو الكلام في الدين بالخرص والظن، مع التفريط والتقصير في


١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعنصام: باب ما يذكر من ذم الرأي. فتح الباري (١٣/ ٢٨٢) ح ٧٣٠٧.
٢ إعلام الموقعين (١/ ٦٧) . وقد تناول ابن القيم في هذا الكتاب القول بالتفصيل عن أنواع الرأي فمن أراد التوسع والاستفادة فليرجع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>