أما أهل الإيمان الذين ترسخ في قلوبهم الإيمان بشرع الله اعتقادا بالقلب وقولا باللسان وعملا بالجوارح فإن من صفاتهم وعلاماتهم تحاكمهم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحوالهم وشؤونهم مع الرضى والتسليم لذلك الحكم سواء كان لهم أم عليهم.
ولذلك فقد جاء وصف أهل الإيمان بالفلاح فقال تعالى:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} بينما وصف أهل النفاق بالظلم حيث قال تعالى: {بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
فيجب على المسلم أن يحذر من الوقوع في هذا العمل الخطير الذي من شأنه أن يوقع صاحبه في مثل هذه الصفات، ويعرضه لتلك العقوبات التي تحدثت بها آيات القرآن الواردة في هذا الشأن.
وقال ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} ١:."قوله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} أي ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم فصار في شق والشرع في شق، وذلك عن عمد منه بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح، وقوله {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} هذا ملازم للصفة الأولى ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقا فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ تشريفا لهم وتعظيما