ثم قال رحمه الله: ولا ريب أن هذه الخمسة من لوازم المحبة:
١- فإنها صفاء المودة، وهيجان إرادات القلب للمحبوب.
٢- وعلوها وظهورها منه لتعلقها بالمحبوب المراد.
٣- وثبوت إرادة القلب للمحبوب ولزومها لزوما لا تفارقه.
٤- ولإعطاء المحب محبوبه لبه وأشرف ما عنده، وهو قلبه.
٥- ولاجتماع عزماته وإراداته وهمومه على محبوبه.
فاجتمعت فيها المعاني الخمسة١.
ووضعوا لمعناها حرفين مناسبين للمسمى غاية المناسبة:"الحاء" التي هي من أقصى الحلق.
و"الباء" الشفوية التي هي نهايته.
فللحاء الابتداء، وللباء الانتهاء، وهذا شأن المحبة وتعلقها بالمحبوب، فإن ابتداءها منه وانتهاءها إليه.
وقالوا في فعلها: حَبْهُ وأحَبْهُ.
ثم اقتصروا على اسم الفاعل من "أحب" فقالوا: "مُحِبٌّ" ولم يقولوا "حاب". واقتصروا على اسم المفعول من "حب" فقالوا: "محبوب" ولم يقولوا "مُحَب" إلا قليلا كما قال الشاعر:
١ زاد ابن القيم في كتابه روضة المحبين (ص ١٧، ١٨) على هذه المعاني الخمسة مايلي: "وقيل: بل هي مأخوذة من القلق والاضطراب، ومنه سمي القرط حبا لقلقه في الأذن واضطرابه. وقيل بل هي مأخوذة من الحب الذي هو إناء واسع فيمتلئ به بحيث لا يسع لغيره، وكذلك قلب المحب ليس فيه سعة لغير محبوبه، وقيل: مأخوذة من الحب وهو الخشبات الأربع التي يستقر عليها ما يوضع من جرة أو غيرها فسمي الحب بذلك لأن المحب يتحمل لأجل محبوبه الأثقال، كما تتحمل الخشبات ثقل ما يوضع عليها.