للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ١.

فأبان أن حق الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته أن يكون معزرا موقرا مهيبا.

وأخبر سبحانه أن الفلاح إنما يكون لمن جمع بين الإيمان به وتعزيره ولا خلاف في أن التعزير هاهنا التعظيم٢.

وفي الجمع الحاصل في الآيتين بين الإيمان به وتعظيمه، تنبيه وإرشاد إلى أن القيام بحقوقه صلى الله عليه وسلم يعد من الإيمان الواجب الذي لا يتم إيمان العبد إلا به. قال الحليمي٣: "فمعلوم أن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل وأعظم وأكرم وألزم لنا وأوجب علينا من حقوق السادات على مماليكهم والآباء على أولادهم لأن الله تعالى أنقذنا به من النار في الآخرة، وعصم به لنا أرواحنا وأبداننا وأعراضنا وأموالنا وأهلينا وأولادنا في العاجلة، فهدانا به لما إذا أطعناه فيه أدانا إلى جنات النعيم. فأية نعمة توازي هذه النعم وأية منة تداني هذه المنن. ثم إنه جل ثناؤه ألزمنا طاعته، وتوعدنا على معصيته بالنار. ووعدنا باتباعه الجنة. فأي رتبة تضاهي هذه الرتبة، وأي درجة تساوي في العلا هذه الدرجة. فحق علينا أن نحبه ونجله ونعظمه ونهابه أكثر من إجلال كل عبد سيده وكل ولد والده. وبمثل هذا نطق القرآن ووردت أوامر الله جل ثناؤه"٤.


١ الآية (١٥٧) من سورة الأعراف.
٢ المنهاج في شعب الإيمان (٢/ ١٢٥) "بتصرف".
٣ الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الجرجانى، فقيه شافعي، قاضي، كان رئيس أهل الحديث في ما وراء النهر، توفي في بخارى سنة ٤٠٣هـ وله كتاب المنهاج في شعب الإيمان.
الأعلام (٢/ ٢٣٥) .
٤ المنهاج في شعب الإيمان (١٢٤- ١٢٥) والجامع لشعب الإيمان (٣٠٢- ٣٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>