للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل شقاق الله ورسوله ومحادة الله ورسوله وأذى الله ورسوله ومعصية الله ورسوله شيئا واحدا، فقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ١ وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ٢ وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ٣ وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ٤.

وفي هذا وغيره بيان لتلازم الحقين، وأن جهة حرمة الله تعالى ورسوله جهة واحدة، فمن آذى الرسول فقد آذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله، لأن الأمة لا يصلون ما بينهم ويين ربهم إلا بواسطة الرسول، ليس لأحد منهم طريق غيره، ولا سبب سواه وقد أقامه الله مقام نفسه في أمره ونهيه وإخباره وبيانه، فلا يجوز أن يفرق بين الله ورسوله في شيء من هذه الأمور.

وثانيها: أنه فرق بين أذى الله ورسوله وبين أذى المؤمنين والمؤمنات، فجعل على هذا أنه قد احتمل بهتانا وإثما مبينا وجعل على ذلك اللعنة في الدنيا والآخرة وأعد له العذاب المهين، ومعلوم أن أذى المؤمنين قد يكون من كبائر الإثم وفيه الجلد، وليس فوق ذلك إلا الكفر والقتل.

الثالث: أنه ذكر أنه لعنهم في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا، واللعن: الإبعاد عن الرحمة، ومن طرده عن رحمته في الدنيا والآخرة لا يكون إلا كافرا فإن المؤمن يقرب إليها بعض الأوقات ولا يكون مباح الدم، لأن حقن الدم رحمة عظيمة من الله، فلا تثبت في حقه ... "٥


١ الآية (١٣) من سورة الأنفال
٢ الآية (٢٠) من سورة المجادلة
٣ الآية (٦٣) من سورة التوبة
٤ الآية (١٤) من سورة النساء وآيات أخر
٥ الصارم المسلول (ص ٤٠- ٤١)

<<  <  ج: ص:  >  >>