للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين.

٣- وتعلق حق رسول الله صلى الله عليه وسلم به:

من حيث خصوص نفسه، فإن الإنسان تؤذيه الوقيعة في عرضه أكثر مما يؤذيه أخذ ماله، وأكثر مما يؤذيه الضرب، بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه، خصوصا من يجب عليه أن يظهر للناس كمال عرضه وعلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والآخرة، فإن هتك عرضه وعلو قدره قد يكون أعظم عنده من قتله، فإن قتله لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلو قدره كما أن موته لا يقدح في ذلك، بخلاف الوقيعة في عرضه فإنها قد تؤثر في نفوس بعض الناس من النفرة عنه وسوء الظن به ما يفسد عليهم إيمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والآخرة ... "١.

وبهذا يعلم أن السب فيه من الأذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في غيره من الأمور كالكفر والمحاربة.

وبما تقدم ذكره من الأدلة يتضح انتقاض إيمان من طعن في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم بسب أو استهزاء أو انتقاص سواء كان في ذلك جادا أو هازلا.

ويستثنى من ذلك المكره بدليل قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} ٢ فالآية نزلت في عمار بن ياسر٣ حين عذبه المشركون حتى يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فوافقهم على ذلك مكرها وجاء معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله


١ الصارم المسلول (ص ٢٩٣- ٢٩٤) .
٢ الآية (١٠٦) من سورة النحل.
٣ عمار بن ياسر حليف بني مخزوم من السابقين الأولين هو وأبوه وأمه، هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد كلها، قتل بصفين سنة ٣٧ هـ. الإصابة (٢/٥٠٥، ٥٠٦) رقم: ٥٧٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>