للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من فضل الله على هذه الأمة فالمسلم في أي بقعة من الأرض له أن يقوم بهذا الحق للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ثبت بالسنة واتفاق الأمة أن كل ما يفعل من الأعمال الصالحة في المسجد عند حجرته من صلاة عليه وسلام وثناء وإصام وذكر محاسن وفضائل، ممكن فعله في سائر الأماكن، ويكون لصاحبه من الأجر ما يستحقه، كما قال: "لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم". ولو كان للأعمال عند القبر فضيلة لفتح للمسلمين باب الحجرة، ولما منعوا من الوصول إلى القبر"١.

"فالله سبحانه خص رسوله صلى الله عليه وسلم بما خصه به تفضيلا له وتكريما لما يجب من حقه على كل مسلم في كل موضع، فإن الله أوجب الإيمان به ومحبته وموالاته ونصره وطاعته واتباعه على كل أحد في كل مكان، وأمر من الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان ومن سؤال الوسيلة له عند كل أذان ومن ذكر فضائله ومناقبه وما يعرف به قدر نعمة الله به على أهل الأرض، وأن الله لم ينعم على أهل الأرض نعمة أعظم من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، وأنه هو أولى بالمؤمبن من أنفسهم، وأنه لا يؤمن العبد حتى يكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، بل حتى يكون أحب إليه من نفسه إلى غير ذلك من حقوقه، وكل هذه مشروعة فى جميع البقاع ليس منها شىء يختص بالقبر ولا بما هو قريب من القبر. ولا شرع للناس أن يكون قيامهم بهذه الحقوق عند القبر أفضل من قيامهم بها في بلادهم. بل المشروع أن يقوموا بها في كل مكان. ومن قام بها عند القبر وفتر عن القيام بها في بلده كما يوجد في بعض


١ الجامع الفريد (ص ٣٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>