قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لفظ اتيان القبر، وزيارة القبر والسفر إلى القبر ونحو ذلك، يتناول من يقصد المسجد وهذا مشروع.
ويتناول من لم يقصد إلا القبر وهذا منهي عنه كما دلت عليه النصوص وأنه مالك وغيره. فمن نقل عن السلف أنهم استحبوا السفر لمجرد القبر دون المسجد ولا الصلاة فيه، بل إنما يقصد القبر كالصورة التي نهى عنها مالك فإذا لا يوجد في كلام أحد من علماء السلف استحباب ذلك فضلا عن إجماعهم عليه. وهذا الموضع يجب على المسلمين عامة وعلمائهم تحقيقه ومعرفة ما هو المشروع والمأمور به الذي هو عبادة الله وحده وطاعة له ولرسوله وبر وتقوى وقيام بحق الرسول.
وما هو شرك وبدعة وضلالة منهي عنها لئلا يلتبس هذا بهذا فإن السفر إلى مسجد المدينة مشروع باتفاق المسلمين لكن إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
وقد تقدم عن مالك وغيره أنه من نذر إتيان المدينة إن كان قصده الصلاة في المسجد يوفي بنذره، وإلا لم يوف بنذره.
وأما إذا نذر اتياه المسجد لزمه لأنه إنما يقصد الصلاة.
فلم يجعل إلى المدينة سفرا مأمورا به إلا سفر من قصد الصلاة في المسجد وهو الذي يؤمر به الناذر بخلاف غيره لقولى صلى الله عليه وسلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" ١.
١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة. فتح الباري (٣/ ٦٣) ح ١١٨٩. وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد (٤/ ١٢٦) .