للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من أمر بما جاءت به الرسل فلم يعادهم ولم يعاندهم قال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ١.

وهنا موضع يشكل على بعض الناس وذلك أنه قال عليه السلام في الحديث الصحيح: " أصدق كلمة قد قالها شاعر كلمة لبيد

ألا كل شيء ما خلا الله باطل٢.

وذلك مثل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِل} ٣.

فالمراد بالباطل: ما لا ينفع، وكل ما سوى الله لا تنفع عبادته، وهذا يدخل فيه كل ما عبد من دون الله من الملائكة والأنبياء وهؤلاء قد سبقت لهم من الله الحسني فكيف يدخلون في الباطل؟.

وكذلك قوله: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} ٤.

فيقال: إن المراد عبادتهم والعمل لهم باطل، وقد يقال عن الشيء أنه لا شيء لانتفاء المقصود منه ليس بشيء وكما قال صلى الله عليه وسلم عن الكهان لما سئل عنهم فقال: "ليسوا بشيء" فقالوا إنهم يحدثون أحيانًا الشيء يكون حقا، فقال


١ سورة الكافرون.
٢ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار باب أيام الجاهلية فتح الباري (٧/١٤٩) ح ٣٨٤١. وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الشعر (٧/٤٩) .
٣ الآية (٦٢) من سورة الحج.
٤ الآية (٣٢) من سورة يونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>