للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن سليمان قال: سمعت ذكوان عن أبى هريرة أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا حسد إلّا في اثنين: رجل علَّمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل " وآناء "١ والنهار، فسمعه جارٌ له، فقال: ليتنى أوتيت ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل؛ ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل".

ومضمون هذين الحديثين أن صاحب القرآن فى غبطة، وهى حُسْنُ الحال، فينبغى أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك، يقال: غبطه فيغبطه "بكسر الباء"٢ غبطًا؛ إذا تمنَّى مثل ما هو فيه من النعمة، وهذا بخلاف الحسد المذموم، وهو تمنِّي زوال نعمة المحسود عنه, سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا، وهذا مذموم شرعًا مهلك، وهو أول معاصى إبليس حين حسد آدم ما منحه الله تعالى من الكرامة والإحترام والإعظام.

والحسد الشرعى الممدوح هو تمنِّي حال مثل ذاك الذى هو على حالة سارة، ولهذا قال -عليه السلام: "لا حسد إلا في اثنين"، فذكر النعمة القاصرة وهو تلاوة القرآن آناء الليل والنهار، والنعمة المتعدية وهي إنفاق المال بالليل والنهار، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: ٢٩] .

٣ [وقد روى نحو هذا من وجه آخر.

فقال عبد الله٤ بن الإمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده:


١ ساقط من "أ".
٢ في "أ": "بالكسر".
٣ ساقط من سياق "ط" وقيد في الحاشية.
٤ في "المسند" "٤/ ١٠٤-١٠٥".

<<  <   >  >>