للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانوا لا يختنون حتى يحتلم، فيحتمل أنه احتلم لعشر سنين؛ جمعًا بين هذه الرواية وتلك، ويحتمل أنه تجوز فى هذه الرواية بذكر العشر وترك ما زاد عليها من الكسر، والله أعلم.

وعلى كل تقدير، ففيه دلالة على جواز تعليم القرآن فى الصِّبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبى إذا تعلَّم القرآن بلَغَ وهو يعرف ما يصلى به، وحفظُه فى الصِّغَرِ أولى من حفظِه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره، وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود في حال الناس.

وقد استحبَّ بعض١ السلف أن يترك الصبى فى ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة؛ لئلا يلزم أولاً بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب.

وكره بعضهم٢ تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يُقَال له، ولكن يُترك حتى إذا عَقِلَ ومَيَّزَ عُلِّمَ قليلًا قليلا، بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه.

واستحبَّ٣ عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- أن يلقن خمس آيات


١ منهم سعيد بن جبير, وانظر "فتح الباري" "٩/ ٨٣".
٢ منهم إبراهيم النخعي، أخرجه ابن أبي داود كما في "الفتح".
٣ أخرجه الإسماعيلي -كما في "مسند الفاروق" "١/ ١٧٠" للمصنف- والبيهقي في "الشعب" "١٨٠٧"، وأبو نعيم في "الحلية" "٩/ ٣١٩"، والخطيب في "تاريخه" "١٣/ ٢٨٧" من طريق علي بن بكار، عن أبي خلدة خالد بن دينار، عن أبي العالية، عن عمر بن الخطاب قال: تعلَّموا القرآن خمسًا خمسًا، فإن جبريل -عليه السلام- نزل بالقرآن على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسًا خمسًا. =

<<  <   >  >>