للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحد عمومتي. وفي لفظٍ للبخاريِّ عن أنس، قال: "لم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء, ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ونحن ورثناه".

قلت: أبو زيد هذا ليس بمشهور؛ لأنه مات قديمًا، وقد ذكروه في أهل بدر، وسماه بعضهم: "سعيد بن عبيد".

ومعنى قول أنس: "لم يجمع القرآن", يعني: من الأنصار سوى هؤلاء، وإلا فمن المهاجرين جماعة كانوا يجمعون القرآن: كالصديق، وابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وغيرهم.

قال الشيخ أبو الحسن الأشعري -رحمه الله: "قد عُلِمَ بالاضطرار أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدَّم أبا بكر في مرض الموت ليصلي بالناس، وقد ثبت في الخبر المتواتر أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ليؤم الناس أقرؤهم", فلو لم يكن الصديق أقرأ القوم، لما قدمه عليهم".

نقله أبو بكر ابن زنجويه في كتاب "فضائل الصديق" عن الأشعري.

وحكى القرطبيُّ في أوائل "تفسيره" عن القاضي أبي بكر الباقلاني، أنه قال بعد ذكره حديث أنس بن مالك هذا: "فقد ثبت بالطرق المتواترة أنه جمع القرآن: عثمان، وعلي، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمرو بن العاص, فقول أنس: لم يجمعه غير أربعة؛ يحتمل أنه لم يأخذه تلقيًا من في رسول الله غير هؤلاء الأربعة، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض. قال: وقد تظاهرت الروايات بأن الأئمة الأربعة جمعوا القرآن على عهد النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأجل سبقهم إلى الإسلام، وإعظام الرسول لهم".

قال القرطبي: "لم يذكر القاضي ابن مسعود، وسالمًا مولى أبي حذيفة، وهما ممن جمع القرآن". آخر الفائدة"١.


١ إلى هنا انتهى السقط الذي نبهنا عليه في هامش "١" في الصفحة السابقة.

<<  <   >  >>