أما بعد، أعاذنا الله وإياك من التكلف لما لا نحسن، والادعاء لما لا نتقن، وجنبنا وإياك البدع والكذب، فإنهما شرّ ما احتقب، وأخبث ما اكتسب، فإنك سألت عن مذهبي وعقدي، وما أدين به لربي عز وجل، لتتبعه فتفوز به من البدع والأهواء المضلة، وتستوجب من الله عز وجل المنازل العلية، فأجبتك إلى ما سألت عنه، مؤملاً من الله جزيل الثواب، وراهباً إليه من سوء العذاب، ومعتمداً عليه في القول بالتأييد للصواب.
[الإيمان بالله وتوحيده]
فأول ما نبدأ بذكره من ذلك ذكر ما افترض الله تعالى على عباده، وبعث به رسوله صلى الله عليه (١) ، وأنزل فيه كتابه، وهو الإيمان بالله عز وجل، ومعناه التصديق بما قال به، وأمر به، وافترضه، ونهى عنه من كل ما جاءت به الرسل من عنده، ونزلت فيه الكتب، وبذلك أرسل المرسلين، فقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مَن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٢٥] .
[حقيقة الإيمان]
والتصديق بذلك: قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالأركان، يزيده كثرة العمل والقول بالإحسان، وينقصه العصيان، ويستثنى في الإيمان، ولا يكون الاستثناء شكاً إنما هي سنة ماضية عند العلماء. فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ فإنه يقول: أنا مؤمن إن شاء الله أو
(١) لعل ذكر السلام عليه صلى الله عليه وسلم قد سقط سهواً، وإلاّ فالسنة ذكر الصلاة والسلام عليه صلوات الله وسلامه عليه، استجابة لأمر الله تعالى.