للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإسراء والمعراج]

وله صلى الله عليه الآية العظمى التي ظهرت له في الأرض والسماء، التي لم يشركه فيها بشر، ولم يبلغ الذي بلغه أحد من النُذُر، التي إذا تدبرها ذو فهم وعقل وبصيرة علم أن الله قد جمع له فيها شرف المنازل والرتب، ما فضله بها على الأولين والآخرين، وهو أنه ركب البراق، وأتى بيت المقدس من ليلته، ثم عرج به إلى السموات، فسلم على الملائكة والأنبياء، وصلى بهم، ودخل الجنة، ورأى النار، وافترض عليه في تلك الليلة الصلوات ورأى ربه، وأدناه، وقربه، وكلمه، وشرّفه، وشاهد الكرامات والدلالات، حتى دنا من ربه فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى. وأن الله وضع يده بين كتفيه فوجد بردها بين ثدييه فعلم علم الأولين والآخرين وقال عز وجل: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء:٦٠] . وهي رؤيا يقظة (١) لا منام. ثم رجع في ليلته بجسده إلى مكة وأخبر في كتابه أنه يعطيه في الآخرة من الفضل والشرف أكثر مما أعطاه في الدنيا بقوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:٥]

وبما له في الآخرة (المقام المحمود) (٢) الذي لا يدانيه فيه أحد من الأولين والآخرين. فنقلت من تاريخ ابن أبي خيثمة أبي بكر (٣) أحمد في


(١) لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه عياناً وما ورد فيه من الأحاديث فهي لم تثبت قال شيخ الإسلام ((وهو وإن كان أشد الأحاديث التي ذكرها - يعني القاضي أبا يعلى وذكر من رواها ففيها عدة أحاديث موضوعة كحديث الرؤية عياناً ليلة المعراج)) درء تعارض العقل والنقل (٥/٢٣٧) . ولعل المصنف رحمه الله يقصد بقوله (رؤيا يقظة) أي بالقلب دون البصر، فإن الرؤية البصرية تكتب رؤية بالتاء لا بالألف المقصورة.
(٢) كذا في الأصل، والصواب: من المقام المحمود.
(٣) هو الحافظ الكبير المجِّود أبو بكر صاحب التاريخ الكبير ... ... كأن ثقة عالماً متقناً حافظاً بصيراً بأيام الناس مات في شهر جمادى الأولى سنة ٢٧٩ هـ وقد بلغ ٩٤ سنة، أنظر السير (١١/٤٩٢) ، ومختصر السير (١/٤٣٨) رقم (١٩٥٢)

<<  <   >  >>