للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسرف ومعصية، وفعل قبيح مذموم، والتعبد بكل فعل شريف مذكور من طهارة، وصلاة، وصيام، وزكاة، وحج وجهاد وصلة الأرحام، والبذل والعطاء، والصدق والوفاء، والخوف والرجاء، وما يكثر تعداده مما لا يحصى، مع محاجته صلى الله عليه وسلم لقومه حين قالوا: {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [يونس: ١٥] فأجابهم: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} (١) [يونس:١٥] من ربي.

ثم قال لهم: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [يونس:١٦] يعني أربعين سنة - إني يتيم فقير، لا أكتب، ولا أختلف إلى معلم، ولا ساحر، ولا كاهن، ولا شاعر، أفلا تدبرون ذلك، وتعلمون أن هذه الآية لا يقدر عليها إلا الله.

قال: فإن لم تفعلوا فيما مضى، ولن يفعلوا، فيما يستقبلون. فجعل هذه الآية في القرآن في حياته، وبعد وفاته، لا يقدر أحد أن يأتي بمثله، أو سورة منه على نظمه وتأليفه وصدقه، وصحة معانيه وكبر فوائده وعلومه، ومع عجز الخليقة عن إدارك فهمه وبلوغ نهاية علمه وإخباره صلى الله عليه وسلم في زمن زبر الأولين والآخرين. بقوله: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ} [الروم: ١-٤] (٢) ، وبقوله: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: ٤٥] . فأخبر بذلك قبل كونه.

وقال تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا} [هود: ٤٩] .


(١) زاد (من ربي) ولا توجد في الآية.
(٢) في أصل المخطوط إلى قوله تعالى: {وهُم من بَعدِ} وقد زدت باقي الآية وما بعدها حتى لا يختل المعنى.

<<  <   >  >>