للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذه القضية تسيطر على عقل الشاعر وحسه ووجدانه، فنراه ينظم القصيدة لغرض معين، ولأدنى ملابسة تنفجَّر شاعريته بقضية الساعة، وهي إعادة المسجد الأقصى إلى المسلمين، وكانت هذه الظاهرة في الديوانين، وأحيانًا يكون الغرض من القصيدة عامًّا يشمل القضية، فتندرج تحتها، ولا تعد غرضًا ثانيًا؛ لأن الموضوع يشملها، وحينئذ فالوحدة الفنية لا تفارق القصيدة، وذلك في مثل قصيدة "الحج الأكبر"١، فالغرض هنا يشمل أشتاتًا من الموضوعات تدخل تحت كلمة "مؤتمر"، وبهذا يأتي الشاعر بقضية فلسطين وتحرير القدس، ولا لوم عليه؛ لأن الموضوع عام تدخل فيه القضية.

وكذلك قصيدة "من رحاب البيت"٢، وفيه تلتقي الشعوب المختلفة، ولكل شعب قضيته، ومن بينها شعب فلسطين، فهو يدخل في موضوع القصيدة.

وكذلك قصيدة "أم القرى ص٨٢ الألمعيات"، وقصيدة "فرحة ولقاء ص٩٥ الألمعيات"، في تحية الجيش السعودي الذي يعتبر القدس قضيته المعاصرة، وقصيدة "حماة المجد ص١٣٧ الألمعيات"، ومثل قصيدة "ضيوف الرحمن ص٧٦ على درب الجهاد"، ومنهم أبناء فلسطين، وغيرها من القصائد التي وردت على هذا النمط.

أمَّا إذا كان الغرض خاصًّا وليس عامًّا، فينبغي ألَّا يكون لهذه القضية دخل فيها، وإن وجدت مكانها في القصيدة تعد مزدوجة الغرض، وذلك مثل قصيدة "دعوة الحق"٣، وهي الإسلام، فيثني الشاعر من خلالها بغرض آخر، وهي قضية فلسطين، وبذلك يتعدد الغرض، فتتفك عرى الوحدة الفنية؛ لأن لكل غرض من هذين تصويره الأدبي الذي يتناسب معه، وذلك ما صنعه الشاعر في قصيدة "مجد الشباب" حينما أدخل فيها القضية، فزواج فيها مع الغرض الأساسي، وهو تصوير المجد الذي ينبغي أن يسعى إليه الشباب في مقتبل حياته.

ولقد تنبه لهذه الظاهرة الأستاذ عبد العزيز الرفاعي، وردَّ السبب في ذلك إلى روح الجندية التي بدأ بها زاهر حياته العملية يقول:

"وإذا روح الجندية قد انعكست على طموحه وآماله، فإنها أيضًا قد انعكست على ديوانه، فرأيته يشيد بالجهاد، ويحثّ على القتال في سبيل الله لنصرة فلسطين، ولإخراج الإسرائيليين من ثالث الحرمين"٤.


١ الألمعيات: ٣٣.
٢ الألمعيات: ٣٩.
٣ على درب الجهاد: ١١٩.
٤ مقدمة الألمعيات: ص٦.

<<  <   >  >>