قال في رواية أبي طالب - في قوم حملتهم الريح فألقتهم في بعض السواحل، فقالوا جئنا للتجارة " فإن لم يعرفوا بالتجارة ولا يشبهون التجار لم يصدقوا ولا يخمس مالهم، إنما الخمس في الغنيمة وما قاتلوا عليه، وهذا لم يقاتلوت عليه، فلا يكون غنيمة ولا فيه خمس". وذكر الخرقي أن فيه الخمس لأهل الخمس، مقسوما عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةٍ. سَهْمٌ مِنْهَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ، يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَزْوَاجِهِ، وَيَصْرِفُهُ في مصالح المسلمين. وأما بعد موته فالمنصوص عنه أن مصرفه إلى أهل الديوان وهم الذين نصبوا أنفسهم للقتال في الثغور على قدر كفاياتهم. قال في رواية أبي طالب " سهم الله والرسول واحد فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعله أبو بكر في الكراع والسلاح فهو فيما جعله، لا يجوز صرفه لغير أهل الديوان".
وظاهر كلام الخرقي: أنه مصروف إلى مصالح المسلمين عامة، كأرزاق الجيش ن وَإِعْدَادِ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، وَبِنَاءِ الْحُصُونِ وَالْقَنَاطِرِ، وَأَرْزَاقِ القضاة وَالْأَئِمَّةِ، وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى مِنْ وُجُوهِ المصالح، يبدأ بالأهم فالأهم، لأنه قال" سهم الرسول مصروف في الكراع والسلاح ومصالح المسلمين". السهم الثاني: سهم ذوي القربى، وحقهم فيه ثابت وهم بنو هاشم، وبنو المطلب ابنا عبد مناف خاصة، ولا حَقَّ فِيهِ لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ كُلِّهَا، يُسَوَّى فِيهِ بَيْنَ صِغَارِهِمْ وَكِبَارِهِمْ وَأَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، ويفضل فيه بين الرجال والنساء، للذكر مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، لِأَنَّهُمْ أَعْطَوْهُ بِاسْمِ الْقَرَابَةِ، وَلَا حَقَّ فِيهِ لِمَوَالِيهِمْ وَلَا لِأَوْلَادِ بَنَاتِهِمْ. وقد قال أحمد رواية حنبل وابن منصور " إذا وصى لبني هاشم لا يكون لمواليهم شيء". وهذا من كلامه يدل على أنه لا حق لهم في خمس الخمس، لأنه لما أسقط دخولهم في الوصية دل على أنهم لا يدخلون في خمس الخمس. وإنما لم يتبعوا مواليهم في استحقاق الفيء، لأنه مستحق بالقرابة ولا قرابة وتبعوهم في حرمان الزكاة.