وكذلك لو أقر به عند النقيبين كان شاهدا فيه عند نقيبه. ولو أقر به عِنْدَ نَقِيبِهِ جَازَ وَكَانَ حَاكِمًا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ. ولو أقر به عند نقيب خصمه احتمل أن يكون شاهدا عليه، واحتمل أن يكون حاكما فيه، لما بينا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ نَقِيبِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي وِلَايَاتِ زُعَمَاءِ الْعَشَائِرِ، وَوُلَاةِ الْقَبَائِلِ المنفردين بالولايات على عشائرهم وقبائلهم.
[فصل في الولايات على إمامة الصلوات]
وذلك ينقسم ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: الْإِمَامَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. الثاني: الْإِمَامَةُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. وَالثَّالِثُ: الْإِمَامَةُ فِي صلاة النَّدْبِ. فَأَمَّا الْإِمَامَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. فَنَصْبُ الأئمة فيها معتبر بحال المساجد التي تقام الصلوات فيها. وهي ضربان: مساجد سلطانية، ومساجد عامية. أما المساجد السلطانية: فهي الجوامع وَالْمَشَاهِدُ، وَمَا عَظُمَ وَكَثُرَ أَهْلُهُ، مِنْ الْمَسَاجِدِ الَّتِي يَقُومُ السُّلْطَانُ بِمُرَاعَاتِهَا.
فَلَا يَجُوزُ أَنْ ينتدب للإمامة فيها إلا من يندبه السلطان لها، لئلا تفتات الرعية عليه فيما هو موكول إليه. وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية مهنا، وقد سأله: هل يجتمع القاضي إذا لم يخرج الوالي؟ فقال " إذا أمره، فإن لم يأمره لا يخرج إلا بإذنه". فَإِذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ فِيهَا إمَامًا كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ منه وأعلم. وهذه الولاية طريقها الأولى، لا طريق اللازم وَالْوُجُوبِ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالنِّقَابَةِ، لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ تَرَاضَى النَّاسُ بِإِمَامٍ وَصَلَّى بِهِمْ، أَجْزَأَهُمْ وَصَحَّتْ جَمَاعَتُهُمْ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الصلوات الخمس من السنن المختارة، وليست من الفروض على قول كثير من الفقهاء، وإنما أوجبها أحمد وداود. فإذا ندب السلطان لها إمَامًا، لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِيهَا مع مع حضوره، فإن غاب واستناب كان الذي استنابه فيها أحق بالإمامة، فإن لَمْ يَسْتَنِبْ فِي غَيْبَتِهِ اُسْتُؤْذِنَ الْإِمَامُ فِيمَنْ يقدم فيها إن أمكن، فإن تعذر استئذانه تراضى أهل المسجد فِيمَنْ يَؤُمُّهُمْ، لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ جَمَاعَتُهُمْ، فَإِذَا حَضَرَتْ