وقد وصى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - العمال بالرفق والعدل. فروى أبو بكر بإسناده عن القاسم أن عمر بن الخطاب كان إذا بعث عماله قال " إنما أبعثكم أئمة , لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تحرموهم فتظلموهم. وأدروا اللقحة للمسلمين يعني عطاياهم". وبإسناده عن إبراهيم " أن عمر بن الخطاب كان إذا بلغه عن عامله أنه لا يعود المريض، ولا يدخل عليه الضعيف عزله". وبإسناده عن أبي مجلز لا حق بن حميد " أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن ياسر أميرا على الكوفة على جيوشهم وعلى صلاتهم، وبعث عبد الله بن مسعود على قضائهم وبيت مالهم، وبعث عثمان بن حنيف على مساحة الأرض، وجعل لهم كل يوم شاة شطرها وسواقطها لعمار بن ياسروبقيتها لعبد الله بن مسعود، وعثمان ين حنيف، ثم قال عمر: ما أرى قرية يخرج منها كل يوم شاة لعمالها إلا سريعا خرابها....".
[فصل فيم تختلف أحكامه من البلاد]
وبلاد الإسلام تنقسم ثلاثة أقسام: حرم، وحجاز، وما عداهما. فأما مكة فقد ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِاسْمَيْنِ فِي كِتَابِهِ " مَكَّةَ، وبكة ". فقال تعال (٣: ٩٦ إن أول بيت وضع الناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين". وقال تعالى (٤٨: ٢٤ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وكان الله بما تعملون بصيرا) . وقد اختلف الرواية عن أحمد في دخول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ هل دخلها عنوة أو صلحا؟ على الروايتين.
إحداهما: أنه دخلها، ولم يغنم بها مالا، ولم يسب فيها ذرية، لأن الأمان حصل من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل تقضي الحرب، لأنه روي في الخبر " أن قائلا قال: لا قريش بعد اليوم". فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " الأحمر والأسود آمن" فالحال لم يتصرم حتى حصل الأمان. وقال في رواية الميموني - وقد سئل عن مكة، هل فتحت صلحا؟ فالتفت إليّ وقال " أليس إنما أخذت بالسيف؟ ". وقال في رواية أبي داود - وقد سئل عن مكة: عنوة هي؟ قال " قد أقرت البلاد