على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة، وأن يصلحوا القناطر، وإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته". وفي لفظ آخر " أن عمر اشترط على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة، فإن حبسهم مطر أو مرض فيومين. فإن مكثوا أكثر من ذلك أنفقوا من أموالهم، ويكلفوا ما يطيقون". وكذلك الضيافة في حق المسلمين الواجب يوم وليلة. قال في رواية حنبل " قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بذلك، وهو دين له: قلت: كم مقدار ما يقدر له؟ قال: ما يمونه في الثلاثة الأيام التي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: واليوم والليلة هو حق واجب". فقد بين أن المستحب ثلاثة أيام والواجب يوم وليلة. وقال في موضع آخر من مسائل حنبل وصالح " الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة". فكانت جائزته أوكد من الثلاثة. وقد روى أبو بكر الخلال ما دل على الاستحباب والإيجاب.
فروى بإسناده عن أبي كريمة - المقدام بن معد يكرب - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - " ليلة الضيف حق واجبة، فإن أصبح بفنائه فهو دين عليه إن شاء اقتضى الدين وإن شاء ترك ". يعني إذا لم يضف. وبإسناده عن أبي شريح الخزاعي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - " الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة، ولا يحل لمسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه. قالوا: يا رسول الله، كيف يوثمه؟ قال: يقيم عنده، وليس عنده ما يقربه". فحديث أبي كريمة يدل على وجوب اليوم والليلة. وحديث أبي شريح يدل على استحباب الثلاث. فالضيافة في حق الكفار والمسلمين، يتفقان في قدر الوجوب والاستحباب، ويختلفان في حكمين آخرين. أحدهما: أنها في حق المسلمين تجب ابتداء بالشرع، وفي حق الكفار تجب بالشرط. والثاني: أنها في حق المسلمين تعم أهل القرى والأمصار. وفي حق الكفار تختص بأهل القرى.