وتعليل أحمد خلاف هذا، لأنه قال " هذا خداع". ومعناه أنه يجعل بيع البناء طريقا إلى أخذ العوض عن الأرض، والذرائع معتبرة في الأصول. ونقل بكر بن محمد عن أبيه عن أحمد جواز بيع ذلك، فقال في رجل يري أن يوصي بثلث داره " أكره أن يبتاع الدار من أرض السواد، إلا أن يباع البناء فإذا كان لرجل مال وله دار نظر إلى بناء الدار والمال، فيكون قد أخرج ثلثه من المال والبناء". وهذه الرواية أصح؛ لأن البناء ملكه لم يدخل في الوقت فجاز له بيعه. فإن مات وعليه دين، وفي يده من أرض السواد، فهل فهل يتعلق قضاء دينه من إجازة ذلك؟ ظاهر كلام أحمد معلوم. قال المروزي وفوزان: مات أبو عبد الله وعليه خمسة وأربعون دينارا دين، فأوصى أن يعطي من الغلة واللفظ لفوزان. ولفظ المروزي " أن يعطي من الغلة حتى يستوفي حقه". والوجه فيه: أنها في يده بعقد الإجارة، والإجارة لا تبطل بموت المستأجر، فكانت باقية على حكم ملكه.
فإن كان عليه صداق أوجبه أو دين في ذمته، فسلم الأرض لمن له عليه الدين، جاز نص عليه في رواية محمد بن حرب في رجل لامرأته عليه صداق، ولهي ضيعة بالسواد فقال " امرأته وغيرها سواء، يسلمها إليها". ومعناه: أنه يسلم حقه في منافعها، ولم يرد تسليم رقبتها. قال في رواية المروزي " أنت تعلم أن هذه لا تقيمنا، وإنما آخذها على الاضطرار " يعني غلة السواد. وقال " التجارة أحب إليّ من غلة بغداد، إنما أختار التجارة على غلة بغداد، لأن الأصل فيه أنها وقف، وقد تداولتها أيدي السلاطين وغيرهم بالبيع والإقطاع، ورفع أيدي القوم الذين أقرهم عمر فيها، والخراج الذي هو أجرة، فجعلها في حكم المغصوبة. ومن أصله: الزرع في الأرض المغصوبة لصاحب الأرض، ولهذا اختار النقل منها لأنها مال ضرورة، والضرورة قد تؤثر في الإباحة. قال في رواية المروزي - وقد سئل: هل ترى أن يرث الرجل من أرض السواد؟ فقال: " وهل يجري فيه ميراث؟ ". وإنما منع من الميراث لأنه يقتضي نقل الملك في الرقبة، ولا يجوز ذلك. وقال في رواية حنبل " السواد وقفة عمر على المسلمين، فمثله كمثل رجل أوقف دارا على رجل وعلى ولده لاتباع، وهي للذي أوقف عليه، فإذا مات الموقوف عليه كان لولده بالوقف الذي أوقف الأب لا يباع، وكذلك السواد لا يباع، ويكون الذي بعده يملك منه مثل الذي ملك قبله على ذلك، وقفا أبدا للمسلمين". فقد بين أنه يكون في يد الوارث على ما كان في يده.