ثُمَّ فَرَضَ لِلنَّاسِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ وَقِرَاءَتِهِمْ الْقُرْآنَ وجهادهم في سبيل الله.
وَفَرَضَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَقَيْسٍ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ، لِكُلِّ رجل من ألفين إلى ألف وخمسمائة إلى ثلثمائة، وَلَمْ يُنْقِصْ أَحَدًا مِنْهَا وَقَالَ " لَئِنْ كَثُرَ الناس المال لأفرضين لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ: أَلْفًا لِفَرَسِهِ، وَأَلْفًا لِسِلَاحِهِ، وَأَلْفًا لِسَفَرِهِ، وَأَلْفًا يُخْلِفُهَا فِي أَهْلِهِ". وَفَرَضَ لِلْمَنْفُوسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَإِذَا تَرَعْرَعَ بَلَغَ بِهِ مِائَتِي دِرْهَمٍ، فَإِذَا بَلَغَ زَادَهُ. وَكَانَ لَا يَفْرِضُ لِمَوْلُودٍ شَيْئًا حَتَّى يُفْطَمَ، إلى أن سمع ذات ليلة امرأة تُكْرِهُ وَلَدَهَا عَلَى الْفِطَامِ وَهُوَ يَبْكِي، فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: إنَّ عُمَرَ لَا يَفْرِضُ لِلْمَوْلُودِ حتى يفطم وأنا أُكْرِهُهُ عَلَى الْفِطَامِ حَتَّى يَفْرِضَ لَهُ، فَقَالَ " يا ويل عمر، كم احتمل مِنْ وِزْرٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ "، ثُمَّ أَمَرَ فنادى " لا تعجلوا أولادكم بالفطام، فإنه يفرض لِكُلِّ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَام". ثُمَّ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْعَوَالِي - وَكَانَ يُجْرِي عَلَيْهِمْ الْقُوتَ - فَأَمَرَ بِجَرِيبٍ مِنْ الطَّعَامِ فَطُحِنَ، ثُمَّ خُبِزَ، ثُمَّ ثرد بزيت، ثم دعا بثلاثين رجلا فأكلوا منه غداءهم حَتَّى أَصَدَرَهُمْ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الْعَشَاءِ مِثْلَ ذلك، فقال " يكفي الرجل جريبان كل شهر". وكان يرزق الرجل والمرأة والمملوك جريبين جَرِيبَيْنِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. وَكَانَ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى صَاحِبِهِ قَالَ لَهُ: رفع الله عنك جريبك. فكان الديوان موضوعا على دعوة العرب. وترتيب الناس فيه معتبرا بالنسب، وتفضيل العطاء معتبر بِالسَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ، وَحُسْنِ الْأَثَرِ فِي الدِّينِ، ثُمَّ رُوعِيَ فِي التَّفْضِيلِ عِنْدَ انْقِرَاض أَهْلِ السوابق: التقدم في الشجاعة، والبلاء في الجهاد. فَهَذَا حُكْمُ دِيوَانِ الْجَيْشِ فِي ابْتِدَاءِ وَضْعِهِ على الدعوة العربية والترتيب الشرعي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute