للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَأَمَّا شَرْطُ جَوَازِ إثْبَاتِهِمْ فِي الدِّيوَانِ فَيُرَاعَى فيه خمسة أوصاف: أحدها: البلوغ، فإن الصبب من جملة الذراري. والثاني: الحرية، وأصله: أنه لا يجوز إفراد العبيد بالعطاء في ديوان المقاتلة، وهو قول عمر، وهو طاهر كلام أحمد في رواية المروزي، وذكر حديث عمر قال " ما أحد من المسلمين إلا وله فيه نصيب، إلا العبيد، فليس لهم فيه شيء". وبه قال الشافعي. وحكى عن بعض العراقيين إفراد العبيد بالعطاء في ديوان المقاتلة، وهو قول أبي بكر. وَالثَّالِثُ: الْإِسْلَامُ، لِيَدْفَعَ عَنْ الْمِلَّةِ بِاعْتِقَادِهِ، وَيُوَثِّقَ بنصحه واجتهاده، فإن أثبت فيهم ذمي لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ ارْتَدَّ مِنْهُمْ مُسْلِمٌ سَقَطَ. وهذا قياس قول أحمد، لأنه منع أن يستعان بالكفار في الجهاد. الرابع: السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْقِتَالِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَمِنًا، وَلَا أَعْمَى، وَلَا أقطع، ويجوز أن يكون أخرس وأصم، فَأَمَّا الْأَعْرَجُ، فَإِنْ كَانَ فَارِسًا أُثْبِتَ، وَإِنْ كان راجلا أسقط.

الخامس: أن يكون منه إقْدَامٌ عَلَى الْحُرُوبِ، وَمَعْرِفَةٌ بِالْقِتَالِ، فَإِنْ ضَعُفَتْ مِنَّتُهُ عَنْ الْإِقْدَامِ، أَوْ قَلَّتْ مَعْرِفَتُهُ بِالْقِتَالِ لَمْ يَجُزْ إثْبَاتُهُ، لِأَنَّهُ مُرْصَدٌ لِمَا هُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ. فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ كَانَ إثْبَاتُهُ فِي دِيوَانِ الْجَيْشِ مَوْقُوفًا عَلَى الطَّلَبِ وَالْإِيجَابِ، فَيَكُونُ مِنْهُ الطَّلَبُ إذَا تَجَرَّدَ عن كل عمل، ويكون من ولي الأمر الإجابة، إذا دعت إليه الحاجة، فَإِنْ كَانَ مَشْهُورَ الِاسْمِ نَبِيهَ الْقَدْرِ لَمْ يَحْسُنْ إذَا أُثْبِتَ فِي الدِّيوَانِ أَنْ يُحَلَّى فيه أو ينعتـ وإن كَانَ مِنْ الْمَغْمُورِينَ فِي النَّاسِ حُلِّيَ وَنُعِتَ، فذكر سنه، وقدره، ولونه، وحلي وجهه، ووصف بما يتميز عن غيره، لئلا تتفق الأسماء أة يدعي وَقْتَ الْعَطَاءِ، وَضُمَّ إلَى نَقِيبٍ عَلَيْهِ أَوْ عريف له يكون مأخوذا بدركه. وَأَمَّا تَرْتِيبُهُمْ فِي الدِّيوَانِ إذَا أُثْبِتُوا فِيهِ فَمُعْتَبَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَامٌّ، وَالْأُخَرُ خَاصٌّ. فَأَمَّا الْعَامُّ: فَهُوَ تَرْتِيبُ الْقَبَائِلِ وَالْأَجْنَاسِ، حَتَّى يتميز كُلُّ قَبِيلَةٍ عَنْ غَيْرِهَا، وَكُلُّ جِنْسٍ عَمَّنْ يخالفه، فلا يجمع فيه بين المختلفين، لا يفرق بين المؤتلفين، لتكون دعوة الديوان على نسق معروف السبب يزول معه التَّنَازُعُ وَالتَّجَاذُبُ. وَإِذَا كَانَ هَكَذَا لَمْ يَخْلُ حَالُهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا عَرَبًا أَوْ عَجَمًا. فَإِنْ كَانُوا عَرَبًا تَجْمَعُهُمْ أَنْسَابٌ وَتُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ أنساب، ترتبت قبائلها بِالْقُرْبَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كما فعل عمر حِينَ دَوَّنَهُمْ فَيُبْدَأُ بِالتَّرْتِيبِ فِي أَصْلِ النَّسَبِ، ثم مما تفرع عنه.

<<  <   >  >>