والفرق بينهما في تخيير المولي والإجبار المولى أَنَّهَا فِي جَنْبَةِ الْمُوَلِّي مِنْ الْعُقُودِ الْعَامَّةِ لنيابته فيها عن الكافة فروعي فيها حكم الْأَصْلَحُ فِي التَّخْيِيرِ، وَهِيَ فِي جَنْبَةِ الْمُوَلَّى مِنْ الْعُقُودِ الْخَاصَّةِ لِعِقْدِهِ لَهَا فِي حَقِّ نفسه، فيجرى عليها حكم اللزوم في الإجبار. وإن لم تقدر جَارِيهِ بِمَا يَصِحُّ فِي الْأُجُورِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْمُدَّةُ، وَجَازَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْعَمَلِ إذَا شاء بد أن ينتهي إلَى مُولِيهِ حَالَ تَرْكِهِ، حَتَّى لَا يَخْلُوَ عمله من ناظر فيه. الحالة الثانية: أن يقدر بالعمل. فيقول المولي: قلدتك خراج ناحية كذا في هذا السَّنَةِ، أَوْ قَلَّدْتُكَ صَدَقَاتِ بَلَدِ كَذَا فِي هذا العام، فتكون مدة نظه مقدرة بفراغه من عمله، فإذا فرغ منه انعزل، وه٨وقبل فراغه منه عَلَى مَا ذَكَرْنَا، يَجُوزُ أَنْ يَعْزِلَهُ الْمُوَلِّي، وعزله لنفسه معتبر بصحة جارية وفساده. الحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ التَّقْلِيدُ مُطْلَقًا، فَلَا يُقَدَّرُ بمدة ولا عمل، فيقول: قَدْ قَلَّدَتْكَ خَرَاجَ الْكُوفَةِ، أَوْ أَعْشَارَ الْبَصْرَةِ، أَوْ حِمَايَةَ بَغْدَادَ، فَهَذَا تَقْلِيدٌ صَحِيحٌ وَإِنْ جهلت مدته لأن المقصود منه الإذن بجواز النَّظَرِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ اللُّزُومَ الْمُعْتَبَرَ فِي عقود الإجارات. وَإِذَا صَحَّ التَّقْلِيدُ وَجَازَ النَّظَرُ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَدِيمًا أَوْ مُنْقَطِعًا، فَإِنْ كَانَ مُسْتَدِيمًا، كَالنَّظَرِ في الجباية والقضاء، وحقوق المعادن، صح نَظَرُهُ فِيهَا عَامًا بَعْدَ عَامٍ، مَا لَمْ يُعْزَلْ. وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَعْهُودَ الْعَوْدِ فِي كل عام كالمولي على قسمة غنيمة فيعزل بعد فراعه مِنْهَا وَلَيْسَ لَهُ النَّظَرُ فِي قِسْمَةِ غَيْرِهَا من الغنائم. الضرب الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَائِدًا فِي كُلِّ عَامٍ، كالخراج الذي إذا استخراج في عام عاد فيما يليه، فهل يكون تَقْلِيدِهِ مَقْصُورًا عَلَى نَظَرِ عَامِهِ، أَوْ مَحْمُولًا على كل عام ما لم يعزل؟. يحتمل أن يكون مقصور النظر عَلَى الْعَامِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. فَإِذَا اسْتَوْفَى خَرَاجَهُ، أَوْ أَخَذَ أَعْشَارَهُ انْعَزَلَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْعَامِ الثَّانِي إلَّا بتقليد مستجد اقتصارا على التعيين.
ويحتمل أن يحمل على حوالة النظر في كل عام ما لم ينعزل، اعتبارا بالعرف.
الفصل الْخَامِسُ فِي جَارِي الْعَامِلِ عَلَى عَمَلِهِ، وَلَا يخلو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُسَمِّيَ مَعْلُومًا. وَالثَّانِي: أَنْ يُسَمِّيَ مَجْهُولًا. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يسمي بمعلوم ولا مجهول. فَإِنْ سَمَّى مَعْلُومًا اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى إذَا وَفَّى الْعِمَالَةَ حَقَّهَا، فَإِنْ قَصَّرَ فِيهَا رُوعِيَ تَقْصِيرُهُ. فَإِنْ كَانَ لِتَرْكِ بَعْضِ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَارِيَ مَا قَابَلَهُ، وَإِنْ كَانَ لِخِيَانَةٍ مِنْهُ مَعَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ، اسْتَكْمَلَ جَارِيَهُ وَارْتَجَعَ مَا خان فيه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute