وتجوز المبارزة بشرطين: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ذَا نَجْدَةٍ وَشَجَاعَةٍ، يَعْلَمُ من نفسه أن لن يعجز عن مقاومة عدو، فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ مُنِعَ. وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ زَعِيمًا لِلْجَيْشِ، يُؤَثِّرُ فَقْدُهُ فِيهِمْ. فَإِنَّ فقد الزعيم المدبر يفضي إلَى الْهَزِيمَةِ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- إنما أقدم على البراز ثقة بنصر الله تعالى، وَإِنْجَازِ وَعْدِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ. وَيَجُوزُ لِأَمِيرِ الجيش إذا حضّ على الجهاد أن يعرّض لِلشَّهَادَةِ مِنْ الرَّاغِبِينَ فِيهَا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ قتله في المعركة يؤثر أَمْرَيْنِ: إمَّا تَحْرِيضُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْقِتَالِ حَمِيَّةً له، أو تخذيل المشركين بالجرأة عليهم في نصر الدين. وقد روي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِنْ الْعَرِيشِ يَوْمَ بدر، فحرض الناس على الجهاد، وَقَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُقَاتِلُهُمْ الْيَوْمَ رجل، فيقتل مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ إلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجنة". وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي حَرْبٍ ولا غيرها، ما لم يقاتلوا، لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم- عن قتلهم. وإذا تترسوا في الحرب بنسائهم وأطفالهم، ولم يوصل إلى قتالهم إلا بقتل النساء والأطفال جاز قتلهم، ولا يقصدون النساء والصبيان. وكذلك إن تترسوا بأسارى المسلمين، ولم يتوصل إلى قتلهم إلا بقتل الأسراء، ذكره أبو بكر في كتاب الخلاف. وقد أومأ إليه أحمد في رواية بكر بن محمد:"في القوم يحاصرون فيتقون بأولاد المسلمين، ينصبونهم أمامهم، فأحب إليّ أن لا يعرض لهم، إلا أن يخافوا أن يخرجوا عليهم، ويكون تركهم ضرراً للمسلمين، فيرميهم".
وَيَجُوزُ عَقْرُ خَيْلِهِمْ مِنْ تَحْتِهِمْ إذَا قَاتَلُوا عليها، وقد عقر حنظلة بن أبي عامر فَرَسَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ، واستعلى عليه ليقتله، فرآه ابن شعوب فثار إلى حنظلة. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْقِرَ فَرَسَهُ، لأنها قُوَّةٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِعْدَادِهَا فِي جِهَادِ عدوه بقوله (٨: ٦٠ - وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) . وقد روي " أن جعفر بن أبي طالب اقتحم يوم مؤتة عن فرس له شقراء حين التحم القتال، ثم نزل عنها وعقرها".فيحتمل أن يكون فعل ذلك لئلا يتقوى به المشركون على المسلمين.