للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولو استعداه من تقصير سيده فيها، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَلَا إلزام لأنه يحتاجح في التقدير إلَى اجْتِهَادٍ شَرْعِيٍّ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ ولزمه غير منصوص عليه. وقد قال أحمد في رواية عبد الله " حق المملوك يشبعه ويكسوه". ولا يكلفه ما لا يطيق. وإذا بلغ المملوك زوجه، فإن أبى تركه". وقال في رواية حرب: وقد سئل " هل يستعمل المملوك بالليل؟ قال: لا يسهره ولا يشق عليه ويخفف عنه". وَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَمْنَعَ أَرْبَابَ السُّفُنِ مِنْ حَمْلِ مَا لَا تَسَعُهُ، وَيُخَافُ مِنْهُ غَرَقُهَا، وَكَذَلِكَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ الْمَسِيرِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الرِّيحِ، وَإِذَا حمل فيها الرجال والنساء يحجز بينهم بحائل، وإذا اتسعت السفن نصب النساء مَخَارِجُ لِلْبِرَازِ لِئَلَّا يَتَبَرَّجْنَ عِنْدَ الْحَاجَةِ.

وَإِذَا كان في أهل الْأَسْوَاقِ مَنْ يَخْتَصُّ بِمُعَامَلَةِ النِّسَاءِ رَاعَى الْمُحْتَسِبُ سِيرَتَهُ وَأَمَانَتَهُ، فَإِذَا تَحَقَّقَهَا مِنْهُ أَقَرَّهُ عَلَى مُعَامَلَتِهِنَّ، وَإِنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ الرِّيبَةُ وَبَانَ عَلَيْهِ الفجور، منعه من معاملتهن وأدّ به عَلَى التَّعَرُّضِ لَهُنَّ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْحُمَاةَ وولاة المعونة أخص بإنكار ذلك، لأنه من موانع الزنا. وينظر والي الحسبة في مقاعد الأسواق، فيقر فيها ما لا ضرر على المارة فيه، وَيَمْنَعُ مَا اسْتَضَرَّ بِهِ الْمَارَّةُ، وَلَا يَقِفُ منعه على الاستعداء إليه. وقد قال أحمد في رواية حرب " في الرجل يسبق إلى دكاكين السوق، فمن سبق غدوة فهو له إلى الليل". وهذا يقتضي جواز مقاعد الأسواق. وقال في رواية إسحاق بن إبراهيم " البيع على الطريق مكروه". فقد منع من ذلك. وَإِذَا بَنَى قَوْمٌ فِي طَرِيقٍ سَابِلٍ مُنِعَ منه، وإن اتسع له الطريق، ويأخذهم بهدم ما بنوه، وإن كَانَ الْمَبْنِيُّ مَسْجِدًا، لِأَنَّ مَرَافِقَ الطُّرُقِ لِلسُّلُوكِ لا للأبنية. وقد قال أحمد في رواية المروزي " هذه المساجد التي بنيت في الطرقات حكمها أن تهدم". وقال في موضع آخر " هذه المساجد أعظم جرما، يخرجون المسجد، ثم يخرجون على أمره". وإذا وضع الناس الأمتعة وآلا ت الْأَبْنِيَةِ فِي مَسَالِكِ الشَّوَارِعِ وَالْأَسْوَاقِ ارْتِفَاقًا لِيَنْقُلُوهُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، مُكِّنُوا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَضِرَّ بِهِ الْمَارَّةُ، وَمُنِعُوا مِنْهُ إنْ اسْتَضَرُّوا به. ويمنعهم من إخراج الأجنحة والساباطات، ومجاري المياه، وآبار الحشوش سواء أضر أو لم يضر، كما يمنع البناء في الطريق.

<<  <   >  >>