فعل، وإن لم ير ذلك صلاحاً لم يفعله. وقد قطع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُرُومَ أَهْلِ الطَّائِفِ فكان سببا لإسلامهم. وَأَمَرَ فِي حَرْبِ بَنِي النَّضِيرِ بِقَطْعِ نَوْعٍ مِنْ النَّخْلِ يُقَالُ لَهُ الْأَصْفَرُ، يُرَى نَوَاهُ من وراء اللحاء، وكانت النخلة منها أحب إليهم من الوصيف. وقد نقل الجماعة عن أحمد، منهم المروزي، قال "إن فعلوا بنا فعلنا بهم" وقال " لا أذهب إليه إلا إذا فعلوا بنا ذلك". وقد منع من البداية وأجازه على المقابلة. ونقل الأثرم عنه قال " أكرهه، إلا أن يكون ذلك يغيظهم ويبلغ منهم". وقال الميموني: سئل أبو عبد الله " أيماء أكثر: يحرق في بلاد الروم، أو لا يحرق؟ قال: التحريق أكثر وأثبت". وظاهر هذا: جواز ذلك، إذا كان فيه نكاية. وَيَجُوزُ أَنْ يُغَوِّرَ عَلَيْهِمْ الْمِيَاهَ، وَيَقْطَعَهَا عَنْهُمْ، وإن كان فيهم نساء وأطفال، لأنه أبلغ في الظفر بهم. وَإِذَا اسْتَسْقَى مِنْهُمْ عَطْشَانُ، كَانَ الْأَمِيرُ مُخَيَّرًا بين سقيه ومنعه، كما كان مخيرا بين قتله وتركه. وَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ وَارَاهُ عَنْ الْأَبْصَارِ، وَلَمْ يلزمه تكفينه. قد أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلَى بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَرِّقَ بِالنَّارِ حياً أو ميتاً، لقوله - صلى الله عليه وسلم- " لَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ بِعَذَابِ اللَّهِ ". وَقَدْ حرق أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْمًا مِنْ أهل الردة. وَمَنْ قُتِلَ مِنْ شُهَدَاءِ الْمُسْلِمِينَ زُمِّلَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا، وَدُفِنَ بِهَا، وَلَمْ يغسل. وفي الصلاة عليه روايتان.
ولا يمنع الجيش من أكل طعامهم، وعلوفة دوابهم في ذلك الحرب، غَيْرَ مُحْتَسِبٍ بِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتَعَدَّوْا الْقُوتَ والعلوفة إلى ما سواها من ملبوس ومركوب، فإن دعتهم ضرورة