أَقْوَى، وَشَاهِدُ الْحَالِ أَظْهَرَ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بها ملك، فيرهبهما حسبما تَقْتَضِيهِ شَوَاهِدُ أَحْوَالِهِمَا، وَيَأْمُرُ بِإِحْضَارِ الشُّهُودِ إنْ أَمْكَنَ، وَيَضْرِبُ لِحُضُورِهِمْ أَجَلًا يَرُدُّهُمَا فِيهِ إلَى الْوَسَاطَةِ، فَإِنْ أَفْضَتْ إلَى صُلْحٍ عَنْ تَرَاضٍ استقر به الحكم، وعدل عن سماع الشهادة إذا حضرت، فإن لم يتبرم بينهما صلح أمعن في الكشف من جِيرَانِهِمَا وَجِيرَانِ الْمِلْكِ.
وَكَانَ لِوَالِي الْمَظَالِمِ رَأْيُهُ في زمن الكشف، في خصلة من ثلاث، يفعل منها ما يؤدي اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ، بِحَسَبِ الْأَمَارَاتِ وَشَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ. إمَّا أَنْ يَرَى انْتِزَاعَ الضَّيْعَةِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَسْلِيمَهَا إلَى الْمُدَّعِي إلَى أَنْ تَقُومَ عليه بينة بالبيع أالإبراء، ويسلمها إلَى أَمِينٍ تَكُونُ فِي يَدِهِ، وَيَحْفَظُ اسْتِغْلَالَهَا عَلَى مُسْتَحَقِّهِ. وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَحْجُرَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَيُنَصِّبَ أَمِينًا لاستغلالها. ويكون حالها عَلَى مَا يَرَاهُ وَالِي الْمَظَالِمِ فِي خَصْلَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ مَا كَانَ رَاجِيًا أَحَدَ أَمْرَيْنِ: مِنْ ظُهُورِ الْحَقِّ بِالْكَشْفِ، أَوْ حُضُورِ الشهود للأداء، فإن وقع اليأس منهما بَتَّ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إحلاف المدعي أحلفه له، وكان ذلك بناء للحكم بينهما. الضرب الثاني: أن لا تضمن إنْكَارُهُ اعْتِرَافًا بِالسَّبَبِ، وَيَقُولُ: هَذِهِ الضَّيْعَةُ لِي لا حق فيها لهذا المدعي، وتكون شهادة الكتاب على المعي من أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنْ لَا حقّ له فيها. وإما على إقراره أنها مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَالضَّيْعَةُ مُقَرَّةٌ فِي يَدِ المدعى عليه، ولا ينتزعها مِنْهُ، فَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِيهَا وَحِفْظُ اسْتِغْلَالِهَا مُدَّةَ الْكَشْفِ وَالْوَسَاطَةِ فَمُعْتَبَرٌ بِشَوَاهِدِ أَحْوَالِهِمَا، وَاجْتِهَادِ والي المظالم فيها يَرَاهُ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا. الحالة الثالثة: أن يكون شهود الكتاب المقابل لهذه الدعوى حضوراً غَيْرُ مُعَدَّلِينَ، فَيُرَاعِي وَالِي الْمَظَالِمِ فِيهِمْ مَا قدمناه فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعِي مِنْ أَحْوَالِهِمْ الثَّلَاثِ، وَيُرَاعَى حال إنكاره هل يتضمن اعترافاً بالسبب أولاً؟ فيعمل والي المظالم في ذلك بما قدمنا، تعويلاً على اجتهاد رأيه في شواهد الأحوال. الحالة الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ شُهُودُ الْكِتَابِ مَوْتَى مُعَدَّلِينَ، فَلَيْسَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ إلَّا فِي الْإِرْهَابِ المجرد الذي يقتضي فضل الكشف، ثم يعمل فِي بَتِّ الْحُكْمِ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْإِنْكَارُ من الاعتراف بالسبب أم لا. الحالة الْخَامِسَةُ: أَنْ يُقَابِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِخَطِّ الْمُدَّعِي بما يوجب إكذابه في الدعوى، فيعمل فيه بما قدمناه في الخطوط، ويكون الإرهاب معتبراً بشاهد الحال.
الحالة السَّادِسَةُ: أَنْ يَظْهَرَ فِي الدَّعْوَى حِسَابٌ يَقْتَضِي بطلان الدعوى، فيعمل فيه بما قدمناه في الحساب، ويكون الإرهاب والكشف والمطاولة معتبراً بشواهد الأحوال، ثم بتّ الحكم بعد الإياس قطعاً للنزاع.