فمن شروط الولاية عليها، مع شروط الْمُعْتَبَرَةِ فِي أَئِمَّةِ الصَّلَوَاتِ. أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَنَاسِكِ الْحَجِّ وَأَحْكَامِهِ، عَارِفًا بِمَوَاقِيتِهِ وَأَيَّامِهِ. وَتَكُونُ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ مُقَدَّرَةً بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ. أَوَّلُهَا: مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الحجة. وآخرها: يوم النفر الثاني: وهو الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا أَحَدُ الرَّعَايَا، وَلَيْسَ مِنْ الْوُلَاةِ. فإذا كَانَ مُطْلَقَ الْوِلَايَةِ عَلَى إقَامَةِ الْحَجِّ، فَلَهُ إقَامَتُهُ فِي كُلِّ عَامٍ، مَا لَمْ يُصْرَفْ عَنْهُ. وَإِنْ عُقِدَتْ لَهُ خَاصَّةً عَلَى عَامٍ لم يتعداه إلَى غَيْرِهِ إلَّا عَنْ وِلَايَةٍ. وَاَلَّذِي يَخْتَصُّ بولايته ويكون نظره نظره عليه مقصورا خَمْسَةُ أَحْكَامٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا، وَسَادِسٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. أَحَدُهَا: إشْعَارُ النَّاسِ بِوَقْتِ إحْرَامِهِمْ، وَالْخُرُوجُ إلَى مشاعرهم ليكونوا له متبعين، وبأفعاله مقتدين. الثاني: ترتيبه لِلْمَنَاسِكِ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ فِيهَا فَلَا يُقَدِّمُ مُؤَخَّرًا وَلَا يُؤَخِّرُ مُقَدَّمًا، سَوَاءٌ كَانَ التَّرْتِيبُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مُسْتَحَبًّا. الثالث: تقدر المواقيت بمقامه فيها، ومسيره عنها كما تتقدم صلاة المأمومين بصلاة الإمام. الرابع: اتباعه على الأذكار الْمَشْرُوعَةِ فِيهَا، وَالتَّأْمِينُ عَلَى أَدْعِيَتِهِ بِهَا لِيَتَّبِعُوهُ فِي الْقَوْلِ كَمَا اتَّبَعُوهُ فِي الْعَمَلِ، وَلِيَكُونَ اجتماع أدعيتهم أفتح لأبواب الإجابة. الخامس: إمامتهم في الصلوات التي شرعت خطب الحج فيها ويجتمع الحجيج عليها وهي خطبتان: يوم عرفة، ويوم النفر الأول، على ما نشرحه.
ويستحب له في اليوم الثامن: أن يخرج من مكة فينزل بمنى، بخيف بني كِنَانَةَ حَيْثُ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- ويبيت بها، ويسير بهم من عنده، - وهو اليوم التاسع - مع طلوع الشمس إلى يوم عَرَفَةَ عَلَى طَرِيقِ ضَبٍّ، وَيَعُودُ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-، وليكون عائدا في غير طريق التي صدر منها. فَإِذَا أَشْرَفَ عَلَى عَرَفَةَ نَزَلَ بِبَطْنِ عَرَفَةَ وأقام بها حتى نزول الشمس، ثم سار منها إلى مسجد إبراهيم عليه السلام بوادي عرفة، فخظب الخطبة الأولة من خطب الحج قبل الصلاة الجمعة وجميع الْخُطَبِ مَشْرُوعَةٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ إلَّا خُطْبَتَيْنِ: خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، وَخُطْبَةُ عَرَفَةَ، فَإِذَا خَطَبَهَا ذَكَّرَ النَّاسَ فِيهَا مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَمَنَاسِكِهِ، وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ بَعْدَ الْخُطْبَةِ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، جَامِعًا بينهما في وقت الظهر، ويقصرها الْمُسَافِرُونَ , وَيُتِمُّهَا الْمُقِيمُونَ.