آخر ينبغي أن يذكر هنا. وهي:
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ
وَذَلِكَ أنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ إنَّما تَصِيرُ فِرَقًا بِخِلَافِهَا لِلْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ فِي مَعْنًى كُلِّي فِي الدِّينِ وَقَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ، لَا فِي جُزْئِيٍّ مِنَ الجزئيَّات، إِذِ الْجُزْئِيُّ وَالْفَرْعُ الشَّاذُّ لَا ينشأُ عَنْهُ مخالفةٌ يَقَعُ بِسَبَبِهَا التَّفَرُّقُ شِيَعاً، وإنَّما ينشأُ التفرُّق عِنْدَ وقوعِ المخالفة في الأمور الكلية.
وَيَجْرِي مَجْرَى الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ كَثْرَةُ الْجُزْئِيَّاتِ، فَإِنَّ الْمُبْتَدِعَ إِذَا أَكْثَرَ مِنْ إِنْشَاءِ الْفُرُوعِ المخترَعة عَادَ ذَلِكَ عَلَى كثيرٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ بِالْمُعَارَضَةِ، كَمَا تَصِيرُ الْقَاعِدَةُ الْكُلِّيَّةُ مُعَارَضَةً أَيْضًا، وأمَّا الجزئي فبخلاف ذلك، فَثَبَتَ أنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ إنَّما افْتَرَقَتْ بِحَسْبِ أمورٍ كليِّة اخْتَلَفُوا فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السادسة
فِي تَعْيِينِ هَذِهِ الْفِرَقِ
وَهِيَ مَسْأَلَةٌ ـ كَمَا قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ ـ طَاشَتْ فِيهَا أَحْلَامُ الخَلْق، فَكَثِيرٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَتَأَخَّرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَيَّنوها لَكِنْ فِي الطَّوَائِفِ الَّتِي خَالَفَتْ فِي مَسَائِلِ الْعَقَائِدِ فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّ أُصولها ثَمَانِيَةً، فَقَالَ: كِبَارُ الفرق الإسلامية ثمانية: (١) المعتزلة، (٢) الشيعة، (٣) الخوارج، (٤) المرجئة، (٥) النجارية، (٦) الجبرية، (٧) المشبهة، (٨) الناجية.
فَالْجَمِيعُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِرقة، فَإِذَا أُضيفت الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ إِلَى عَدَدِ الْفِرَقِ صَارَ الْجَمِيعُ ثَلَاثًا وسبعين فرقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute