للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال السيوطى في المزهر: ليس في كلامهم أفعل فهو فاعل إلا أعشبت الأرض فهي عاشب، وأورس الرمث وهو ضرب من الشجر إذا تغير لونه عن البياض فهو وارس وأيفع الغلام فهو يافع، وأبقلت الأرض فهي باقل وأغضى ١ الليل فهو غاض، وأمحل البلد فهو ماحل.

أفعله فهو مفعول ٢

صيغة مفعول إنما تصاغ من الثلاثي التام المتصرف سواء كان متعديا أم لازما ويشترط مع اللازم أن توجد معها واسطة من جار ومجرور أو غيره تقول محمد محفوظ بعناية ربه وأنت ممرور بك، ومنهوب إليكْ، وقد وردت صيغة مفعول من غير الثلاثي الذي على وزن أفعل من المواد الآتية:

ولم يأت أفعله مفعول إلا أجنه فهو مجنون وأزكمه فهو مزكوم، وأحزنه فهو محزون وأحبه فهو محبوب.

وقال ابن جني في الخصائص باب نقض العادة: ونحو ذلك ما جاء عنهم من أفعلته فهو مفعول وذلك نحو أحببته فهو محبوب، وأجنه فهو مجنون وأزكمه فهو مزكوم. وأكزه فهو مكزوز، وأقره فهو مقرور، وآرضه آلة فهو مأروض، وأملأه الله فهو مملوء. وأضأضه فهو مضؤود، وأحمه الله فهو محموم، وأهمه (من الهم) فهو مهموم، وأزعقته فهو مزعوق أي مذعور. ومثله ما أنشدناه أبو علي من قوله (وهو خفاف بن ندبة)

إذا ما استحمت أرضه من سمائه ... جرى وهو مودوع ٣ واوعد مَصْدَق

وأما أحزنه الله فهو محزون فقد حمل على هذا غير أنه قال أبو زيد يقولون إلا يحزنني (بفتح الياء) ولا يقولون حزنني إلا أن مجىء المضارع يشهد للماضي فهذا أمثل ما مضى- وقد قالوا فيه أيضا محزن على القياس ومثله قولهم: محب منه بيت عنترة:

ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم

ومثله قول الأخرى هند بنت أبي سفيان أخت معاوية رضي الله عنهما وهي ترقص ابنها عبد الله:

لأنكحنّ ببة: جارية خِدبةْ ... مكرمة محبَّةْ تحب أهل الكعبةْ

وقال الآخر:

ومن يناد آل يربوع يجب ... يأتيك منهم خير فتيان العرب

المُنكْبُ الأيمن والرَّدف المحب ...


١ أغضى الليل: أظلم فالليل مغض لغة قليلة، والخصائص ج٢ ص٢١٥.
٢ انظر المزهر ج٢ ص٨٢، والخصائص ج٢ص٢١٦، وأدب الكاتب ص٦٣٦ تحت باب في شواذ التصريف.
٣ قوله مودوع مفعول من ودعه أي تركه والملحوظ أن الثلاثي منه قد ترك استغناء بترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>