للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: بِمَ يَخْتَلِفُ الحَدِيثُ القُدُسِيُّ عَنِ القُرْآنِ؟

الجَوَابُ: الحَدِيثُ القُدُسِيُّ هُوَ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى كَالقُرْآنِ -مِنْ جِهَةِ كَونِهِ وَحْيًا-؛ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ عَنْهُ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ؛ مِنْهَا:

١ - أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ التَّحَدِّي لِلمُشْرِكِينَ -أَي: مِنْ جِهَةِ الإِعْجَازِ- كَمَا جَاءَ فِي القُرْآنِ.

قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَاتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لَا يَاتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَو كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإِسْرَاء: ٨٨]، أَمَّا الحَدِيثُ القُدُسِيُّ فَمِنْهُ مَا زُوِّرَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ وَهَذَا مَعْرُوفٌ.

٢ - أَنَّ القُرْآنَ مَحْفُوظٌ مِنَ التَّبْدِيلِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحِجْر: ٩] بِخِلَافِ الأَحَادِيثِ القُدُسِيَّةِ؛ فَفِيهَا الصَّحِيحُ وَفِيهَا الضَّعِيفُ.

فَالقُرْآنُ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ القَطْعِيِّ المُفِيدِ لِلعِلْمِ اليَقِينِيِّ؛ فَلَو أَنْكَرَ مُنْكِرٌ مِنْهُ حَرْفًا أَجْمَعَ القُرَّاءُ عَلَيهِ كَانَ كَافِرًا؛ بِخِلَافِ الأَحَادِيثِ القُدُسِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَو أَنْكَرَ شَيئًا مِنْهَا لَمْ يَكْفُرْ بِذَلِكَ.

٣ - أَنَّهُ لَا يُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ كَالقُرْآنِ؛ فَلَا يُقَالُ فِيهِ: الحَرْفُ بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ كَالقُرْآنِ!

كَمَا فِي الحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ -وَالحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا-، لَا أَقُولُ {ألم} حَرْفٌ، وَلكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ،

وَمِيمٌ حَرْفٌ» (١).


(١) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٩١٠) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٣٣٢٧).

<<  <   >  >>