للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحَادِي وَالثَّلاثُونَ: (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا)

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِديِّ؛ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فقالَ: يَا رَسولَ اللهِ؛ دُلَّنِي عَلى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللهُ وَأَحَبَّنِيَ النَّاسُ، فَقَالَ: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيدِي النَّاسِ يُحبَّكَ النَّاسُ». حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَغَيرُهُ بِأَسَانِيدَ حَسَنةٍ (١).

- الزُّهْدُ لُغَةً: الرَّغْبَةُ عَنِ الشَيءِ وَاحْتِقَارُهُ وَارْتِفَاعُ الهِمَّةِ عَنْهُ، يُقَالُ: شَيءٌ زَهِيدٌ أَي: قَلِيلٌ حَقِيرٌ، وَالزُّهْدُ حَقِيقَتُهُ: " تَرْكُ مَا يُشْغِلُكَ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" (٢)، وَالاقْتِصَارُ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ مِنْهَا.

- الزُّهْدُ أَعْلَى مِنَ الوَرَعِ، فَالوَرَعُ: تَرْكُ مَا قَدْ يَضُرُّ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَالزُّهْدُ: تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الآخِرَةِ، وَتَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ أَعْلَى مِنْ تَرْكِ مَا قَدْ يَضُرُّ.

- سُمِّيَتِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا بِالدُّنْيَا لِأَحَدِ أَمْرَينِ:

١ - أَنَّهَا دُنْيَا فِي الزَّمَنِ، أَي: أَدْنَى زَمَنًا وَأَقْرَبُ مِنَ الآخِرَةِ، فَهِيَ الأُولَى؛ وَتِلْكَ الآخِرَةُ.

٢ - أَنَّهَا دُنْيَا فِي القَدْرِ وَالمَنْزِلَةِ، مِنَ الدَّنَاءَةِ؛ فَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّ العَمَلَ


(١) صَحِيحٌ بِشَوَاهِدِهِ. ابْنُ مَاجَه (٤١٠٢). الصَّحِيحَةُ (٩٤٤).
(٢) قَالَهُ أَبُو سُلَيمَانَ الدَّارَانِيُّ، كَمَا فِي حِلْيَةِ الأَولِيَاءِ (١/ ٢٥٨)، وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو سُلَيمَان حَسَنٌ، وَهُوَ يَجْمَعُ جَمِيعَ مَعَانِي الزُّهْدِ وَأَقْسَامِهِ وَأَنْوَاعِهِ". جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ١٨٦).

<<  <   >  >>