للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشُّبْهَةُ الخَامِسَةُ:

شُبْهَةُ اسْتِفْتَاءِ القَلْبِ: عَنْ وَابِصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ: «يَا وَابِصَةُ، اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، البِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيهِ القَلْبُ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيهِ النَّفْسُ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ؛ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتُوكَ» (١)، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ فِي بَعْضِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إِلَى القَلْبِ دُونَ أَنَّ يَرُدَّهُ إِلَى الشَّرْعِ!

الجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:

١ - أَنَّ مَعْنَى الحَدِيثِ أَنَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيكَ فَاتْرُكْهُ وَإِياَّكَ وَالتَّلَبُّسَ بِهِ، وَهُوَ كَحَدِيثِ «دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ» (٢)، فَلَيسَ فِيهِ إِنْشَاءُ عَمَلٍ ابْتِدَاءً! وَإِنَّمَا تَرْجِيحُ وَجْهٍ عَلَى وَجْهٍ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الاشْتِبَاهُ مِنْ كَلَامِ المُفْتِينَ، وَيَتَأَكَّدُ هَذَا أَنَّهُ قَدْ جُعِلَتْ فَتْوَى النَّفْسِ بَعْدَ اسْتِفْتَاءِ النَّاسِ -وَهُمُ العُلَمَاءُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى-.

٢ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْكَرَ عَلَى مَنْ شَرَعُوا دِينًا لَمْ يَاذنْ بِهِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَاذَنْ بِهِ اللهُ وَلَولا كَلِمَةُ الفَصْلِ لَقُضِيَ بَينَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشُّورَى: ٢١].


(١) حَسَنٌ. أَحْمَدُ (١٨٠٠١) عَنْ وَابِصَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (١٧٣٤).
(٢) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٥١٨) عَنِ الحَسَنِ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٣٧٨).

<<  <   >  >>