للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَل فِي الحَدِيثِ إِثْبَاتُ صِفَةِ السُّكُوتِ للهِ تَعَالَى؟

الجَوَابُ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي كَلَامِ السَّلَفِ هَذَا الوَصْفُ.

وَلَكِنَّ السُّكُوتَ أَصْلًا نَوعَانِ:

١ - سُكُوتٌ يُقَابِلُ الكَلَامَ؛ فَلَا يُوصَفُ اللهُ تَعَالَى بِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ مَوصُوفٌ بِصِفَةِ الكَلَامِ.

٢ - سُكُوتٌ يُقَابِلُ الإِظْهَارَ لِلأَحْكَامِ، أَي: مَعْنَى السُّكُوتِ هُنَا عَدَمُ إِظْهَارِ حُكْمِ أَمْرٍ مَا؛ فَهَذَا صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ المَعْنَى.

مِثَالُ ذَلِكَ: لَو تَكَلَّمَ المُدَرِّسُ عَنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيفِيَّةَ السُّجُودِ؛ فَيُقَالُ: تَكَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ وَسَكَتَ عَنْ كَيفِيَّةِ السُّجُودِ؛ رُغْمَ أَنَّهُ لَمْ يَصْمُتْ! وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَ مَعْنَاهُ فِي الحَدِيثِ (١).

وَعَلَى العُمُومِ؛ فَإِنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَينَ إِثْبَاتِ الصِّفَةِ وَبَينَ الإِخْبَارِ، فَحِينَ نَصِفُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَا نَصِفُهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَو وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا بَابُ الإِخْبَارِ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَالأَمْرُ فِيه وَاسِعٌ.


(١) انْظُرْ شَرْحَ الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ لصَالِح آلِ الشَّيخِ (ص: ٤٢٤).

<<  <   >  >>