- المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا كَانَ اللهُ تَعَالَى لَنْ يَبْلُغَ العِبَادُ ضَرَّهُ؛ فَمَا الجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ البُخَارِيِّ الصَّحِيحِ «قَالَ اللهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ -وَأَنَا الدَّهْرُ- أُقَلِّبُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ» (١)؟
الجَوَابُ: لَا يَلْزَمُ مِنَ الأَذِيَّةِ الضَّرَرُ! فَالإِنْسَانُ مَثَلًا يَتَأَذَّى بِسَمَاعِ القَبِيحِ أَو مُشَاهَدَتِهِ؛ وَلَكِنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَأَيضًا يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ الكَرِيهَةِ -كَالبَصَلِ وَالثُّومِ- وَلَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ! وَلِهَذَا أَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى الأَذِيَّةَ فِي القُرْآنِ وَنَفَى الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأَحْزَاب: ٥٧]، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى قَالَ أَيضًا: {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الكُفْرَ بِالأِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عِمْرَان: ١٧٧].
فَأَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى حُصُولَ الأَذَى وَنَفَى عَنْ نَفْسِهِ الضَّرَرَ سُبْحَانَهُ، وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ}
[آل عِمْرَان: ١١١].
(١) البُخَارِيُّ (٤٨٢٦) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute