للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فر, وانتصر جيش المسلمين وكانت معركة بدر في صالح محمد- صلى الله عليه وسلم- ورجاله وولى أهل مكة الأدبار كاسفا بالهم، خاشعة من الذل أبصارهم لا يكاد أحدهم يلتقي بنظر صاحبه حتى يواري وجهه خجلاً من سوء ما حل بهم جميعا.

ثالثا: تسجيل لمواقف الخزي والعار بالنسبة لقريش ورجالها

قال الله سبحانه وتعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (الأنفال آية ١٩) .

حينما خرج المشركون من مكة إلى بدر- أخذوا بأستار الكعبة فاستنصروا الله قائلين: "اللهم انصر أعلى الجندين، وأكرم الفئتين وخير القبيلتين".

وروي أن أبا جهل قال يوم بدر "اللهم أينا كان أقطع للرحم وآتانا بما لا نعرف فاحنه الغداة".

وأنه قال عندما التقى الجمعان في ذلك اليوم: "اللهم ربً ديننا القديم ودين محمد الحديث فأي الدينين كان أحب إليك وأرضى عندك فانصر أهله اليوم"١.

وتحقق طلب قريش وأبي جهل، فجعل الله الدائرة عليهم تصديقاً لاستفتاحهم؛ لأنهم طلبوا من الله أن يفتح عليهم وأن يهلك الضالين, وهذه حقيقة فقد دارت الدائرة على الفريق الضال الصاد عن سبيل الله وهزموا هزيمة منكرة.

وهذا نموذج للإجابة لا يسر ولا يشجع على إعادة الاستفتاح من جديد.

ولقد كان أبو جهل أشد المشركين عداوة للإسلام ولما وجد سيل الهزيمة النازل بقومه من المشركين- أقبل يصرخ فيهم، وغباوة الغرور لا تزال ضاربة على عينيه "واللات والعزى لا نرجع حتى نفرِّقهم في الجبال ... خذوهم أخذاً"٢.

ولقد كان أبو جهل تمثالاً للطيش والعناد إلى آخر رمق، وكان يقاتل في شراسة وغضب وهو يقول:

بازل عامين حديث سني ... ما تنقم الحرب الشموس مني

لمثل هذا ولدتني أمي

...


١ أبو الفداء ٣/٢٨٢-٢٨٣.
٢ أبو الفداء ٣/٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>